من الشّعر وغيره هي التي تدلّ على الجدب . و قد يستدلّ بالحمرة إذا اشتدّت جدا في السّحاب المخيّل وإنّما تكون من شعاع الشّمس عند الطَّلوع وعند الغروب على المطر . والفرق بينهما أنّ تلك تكون بغير سحاب أو تكون مع شيء رقيق منه ، وحمرة الغيث تكون شديدة عند الطَّلوع وعند الغروب في سحاب متكاثف مخيل . والحمرة التي يشير إليها إنما هي من قرص الشّمس لأنّك تراه في المشرق والمغرب للغبار والبخار ، والضّباب المعترض بينك وبينها أحمر وأصفر للهواء الملابس لها ، وقد توجد النّار تختلف على قدر اختلاف النعظَّ الأزرق والأبيض والأسود . و ذلك كلَّه يتغيّر في مرأى العين بالعرض الذي يعرض للعين ، وعلى قدر جفوف الحطب ورطوبته ، وعلى قدر أجناس العيدان والأدهان تجدها حمراء أو صفراء أو خضراء . و لذلك يوجد برق السّحاب مختلفا في الحمرة والبياض على قدر المقابلات والأعراض ، وتجد السّحابة بيضاء ، فإذا قابلت الشّمس بعض المقابلة فإن كانت السّحابة غربيّة والشّمس منحطة ، رأيتها صفراء ثم حمراء ثم سوداء تعرض العين لبعض ما يدخل عليه ، وقال الفلتان الفهمي في النّار : < شعر > و يوقدها شقراء في رأس هضبة < / شعر > وقال مزرّد : < شعر > فأبصر ناري وهي شقراء أوقدت * بعلياء يشز للعيون النّواظر < / شعر > وقال الراعي وهو يريد أن يصف لون ذئب : < شعر > كدخان مرتجل بأعلى تلعة * غرثان حزم عرفجاء ميلولا < / شعر > المرتجل : الذي أصاب رجلا من جراد وهو يشويها وجعله غرثان لأنه لغرثه لا يميز الرّطب من اليابس ، فهو يشويها بما حضره ، وأدلَّة هذا الكلام كلَّه ليكون لون الدخان ولون الذئب الأطحل متّفقين ، فأما شيم البروق فكانوا يقولون : إذا بلغت سبعون برقة انتقلوا ولم يبعثوا رائدا لثقتهم بالمطر ، وإذا كان البرق عندهم وليفا وثقوا بالمطر . والوليف : الذي يلمع لمعتين . قال الهذلي شعرا : < شعر > لشمّاء بعد أشتاب النّوى * وقد بتّ أجنبت برقا وليفا < / شعر > وإذا تتابع لمعانه كان مخيلا للمطر . و يقال : ارتعج البرق إذا كثر وتتابع . وقال الرّاجز شعرا : < شعر > سحّا أهاضيب وبرقا مرعجا * يجاوب الرّعد إذا تبّوجا < / شعر >