بما يكشفها من أنباء الفترات وأحوال الأنبياء والمعجزات ، وذكر اللَّه تعالى النعمة على قريش ، فانبأ عن رحلة الشّتاء والصّيف بعد أن دعا إبراهيم عليه السلام لسكان مكَّة فقال : * ( رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وارْزُقْ أَهْلَه مِنَ الثَّمَراتِ ) * [ سورة البقرة : 126 ] ، وقد كان قال : * ( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) * [ سورة إبراهيم : 37 ] فاستجاب اللَّه دعوته فهم يصيفون ( الطائف ) ، ويشتون ( جدّة ) وأنواع الخير منهم بمرصد وفعل مثل ذلك في الزّمان فعظَّم ليلة القدر وجعلها * ( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) * بما ضمّنها من تنزّل الملائكة بقضاياه إلى رأس الحول ، ولأنّها ليلة السّلامة والأمن من كل داء وبلاء إلى مطلع الفجر . فالحمد للَّه الذي بنوره اهتدينا وبفضله غنينا ، حين أدب الأخلاف بما درج عليه الأسلاف ، وقرن العبادة باعتبار ما أمضى عليه القرون الماضية في الدّهور الخالية فإنهم وإن مضوا سلفا فقد السّبيل عليهم ، والنّاس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم ، وقد أكثرت ، وظهر الفرض فيما أبدأت ، وأعدت ، والتّرفية عن المطبة أعون في إملاء قطع الدود أنّ من نكص عن المنهاج تاه في الفجاج ، فإنمّا هذا الكلام وصلة إلى كتاب في الأزمنة والأمكنة ، وما يتعلَّق بهما من أسماء اللَّيل والنّهار والبوارح [1] ، والأمطار ، والمزالف ، والمآلف ، وما أخذ أخذها مما تعداده يطول وينطق به الحدود بعد هذا . و الفصول فقد قدّمت ذكرها ، وقد غبرت مدة من الزّمان ، وهذا الكتاب منّي ببال أتصفّح ورقه بأيدي فكري ، وأتصوّر مضمونه في مطارح فهمي ، فينيلني إذا صادفته جموحا ، ويوليني إذا صافحته ازورارا ، وشسوعا ، كأنه يطلب لنفسه حظا زائدا على ما أوتيه ، وسهما عاليا لما أجيله فأعطيه إلى أن تبوأ من علو الوكد ، والاهتمام في أعلى الرّبى ، ومن مرتقى التّوفر في الإعتناء في أسنى الذرى . فحينئذ أطلع اللَّه على ضميري نور الأستاذ النفيس أبي علي إسماعيل بن أحمد أدام اللَّه رفعته ، وبرهان سلفه قرنا بعد قرن ، وكابرا عن كابر من كمال النبل ، وجماع الفضل والجمال الظَّاهر ، والكرم الغامر ، والنّهوض بأعباء الرّئاسة ، والاستظهار في أنحاء السيّاسة ، وتدبير المسالك والمهالك ، والمدائن والممالك ، والميل إلى ذوي الأخطار ، وأعلام الآداب . فهم يكرعون من جداهم في أعذب المشارع ، وأكرم الموارد . هذا إلى ما حباه اللَّه في خاص وعام قصده من محييات القلوب ، ومزيات القبول . فإنّ العزيز الشريف والنّبت الرّفيع إذا أشر بالدّونة المعطف ، وسهولة الملتقى ، والمختبر ترجما عن الكمال ، ووفرا ابهة الجلال . وهذا الثناء منّي ليس على طريقة المادحين فأتجوّز ، ولا