الباب الحادي والسّتون في ذكر الاستدلال بالبرق ، والحمرة في الأفق ، وغيرهما على الغيث قال أبو عمرو تقول العرب في السّحابة : تنشأ إن تبهزت متنكبة ووميضها ضعيف يخفى مرّة ويظهر أخرى ، فقد أخلفت ومعنى تبهّزت : تقطَّعت والبهز حفر تكون في الأرض ، ومعنى تنكَّبت : عدلت عن القصد ، ومنه النّكباء في الرّياح . و حكي عن أبي عبيدة قال : قلت لأعرابي : ما أسحّ الغيث ؟ قال : ما ألقحته الجنوب ومرته الصّبا ، ونتجه الشّمال ، وإذا كان السّحاب أبيض يبرق بضوء فذاك دليل مائه ، ويقولون : إذا رأيت السّماء كأنه بطن أتان قمراء ، فذلك الجود . قال الشّاعر : < شعر > و أضحى يحطَّ المعصمات حزيرة * وأصبح رجّاف اليمامة أقمرا < / شعر > الرّجاف : ما رجف من السّحابة . وقال آخر : وهو المتنخّل الهذلي يذكر مطرا شعرا : < شعر > تمدّ له حوالب مشعلات * تجلَّلهنّ أقمر ذو انعطاط < / شعر > قالوا : وإذا كانت السّحابة تبرق كأنها حولاء ناقة ، وهو ما يخرج مع الولد فذلك من علامات . و إذا كانت السّحابة نمرة فهي خليقة بالمطر لذلك قال قائلهم : أرينها نمرة - أركها مطرة . والنّمرة التي ترى سحابها صغارا بتداني بعضها من بعض ، ويكون كلون النّمر ، وإذا كان السّحاب بطيئا في سيره ، فذاك دليل على كثرة مائه ولذلك قال الهذلي يصفه : < شعر > و أقبل مرّا إلى بحدل * سباق المقيد يمشي رسيفا < / شعر > وقال عبيد : < شعر > دان مسفّ فويق الأرض هيدبه * يكاد يدفعه من قام بالرّاح < / شعر > جعل له هدبا يتدلَّى لثقله ودنّوه من الأرض .