نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 283
بقيت منها بقية مرصدة لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم : حكما قسطا ، وقضاء عدلا . وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا ، بقوله في الطاعون : " إنه بقية رجز - أو عذاب - أرسل على بني إسرائيل " . وكذلك : سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم عاد [1] سبع ليال وثمانية أيام ، ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام ، أو في نظيرها - : عظة وعبرة . وقد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم ، اقتضاء لا بد منه : فجعل منع الاحسان والزكاة والصدقة ، سببا لمنع الغيث من السماء والقحط والجدب . وجعل ظلم المساكين ، والبخس في المكاييل والموازين ، وتعدى القوى على الضعيف - سببا لجور الملوك والولاة : الذين لا يرحمون إن استرحموا ، ولا يعطفون إن استعطفوا ، وهم - في الحقيقة - أعمال الرعايا : ظهرت في صور ولاتهم . فإن الله سبحانه ، بحكمته وعدله ، يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبهم : فتارة بقحط وجدب ، وتارة بعدو . وتارة بولاة جائرين ، وتارة بأمراض عامة ، وتارة بهموم وآلام وغموم تحصرها [2] نفوسهم لا ينفكون عنها ، وتارة بمنع بركات السماوات والأرض عنهم ، وتارة بتسليط الشياطين عليهم ، تؤزهم إلى أسباب العذاب أزا : لتحق عليهم الكلمة ، وليصير كل منهم إلى ما خلق له . والعاقل يسير بصيرته بين أقطار العالم : فيشاهده ، وينظر مواقع عدل الله وحكمته . وحينئذ : يتبين ( له ) [3] أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة ، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون ، وإلى [4] دار البوار صائرون . والله بالغ أمره ، لا معقب لحكمه [5] ولا راد لامره . وبالله التوفيق .
[1] هذا ليس بالزاد . [2] أي : تضيق بها ، ولا تقدر على التخلص منها . على حد قوله تعالى ، ( حصرت صدورهم : 4 / 90 ) انظر المختار . وفى الأصل والزاد : 183 تحضرها ( بالمعجمة ) . وهو تصحيف . [3] زيادة عن الزاد 183 . [4] بالزاد : إلى . وهو تحريف وإن كانت صحة الكلام لا تتوقف على زيادة الواو . [5] راجع : سورة الرعد ( 41 ) ، والطلاق ( 3 ) .
283
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 283