responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 282


خلقه - برئ من الآفات والعلل ، تام المنفعة لما هيئ وخلق . وإنما تعرض له الآفات - بعد ذلك - بأمور أخر : من مجاورة ، أو امتزاج واختلاط ، أو أسباب أخر تقتضى فساده .
فلو ترك على خلقته الأصلية ، من غير تعلق أسباب الفساد به ، لم يفسد .
ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه ، يعرف أن جميع الفساد - في جوه ونباته وحيوانه ، وأحوال أهله - حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه . ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم ، من الفساد العام والخاص ، ما يجلب عليهم - : من الآلام والأمراض والأسقام والطواعين ، والقحوط والجدوب ، وسلب بركات الأرض وثمارها ونباتها ، وسلب منافعها أو نقصانها . - أمورا متتابعة يتلو بعضها بعضا .
فإن لم يتسع علمك لهذا ، فاكتف بقوله تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) ، ونزل هذه الآية على أحوال العالم ، وطابق بين الواقع وبينها .
وأنت ترى : كيف تحدث الآفات والعلل كل وقت في الثمار والزرع والحيوان ، وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة ، بعضها آخذ برقاب بعض . وكلما أحدث الناس ظلما وفجورا ، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى - : من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم ، وأهويتهم ومياههم ، وأبدانهم وخلقهم ، وصورهم وأشكالهم . - وأخلفهم [1] من النقص والآفات ، ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم .
ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكبر مما هي اليوم ، كما كانت البركة فيها أعظم .
وقد روى الإمام أحمد بإسناده : " أنه وجد في خزائن بعض بنى أمية ، صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر ، مكتوب عليها : هذا كان ينبت أيام العدل " . وهذه القصة ذكرها في مسنده على أثر حديث رواه .
وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة ، بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة ، ثم



[1] هذا عطف على " أحدث " . وفى الأصل : واخلافهم . والزاد : وأخلاقهم . والظاهر أن أصله ما ذكرناه ، فتأمل .

282

نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست