نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 171
وكان يحب الحلواء والعسل . وهذه الثلاثة - أعنى : اللحم ، والعسل ، والحلواء . - من أفضل الأغذية ، وأنفعها للبدن والكبد والأعضاء . وللاغتذاء بها نفع عظيم في حفظ الصحة والقوة ، ولا ينضر [1] منها إلا من به علة وآفة . وكان يأكل الخبز مأدوما ما وجد له إداما ، فتارة يأدمه باللحم ، ويقول : " هو سيد طعام أهل الدنيا والآخرة " . رواه ابن ماجة وغيره . وتارة بالبطيخ ، وتارة بالتمر . فإنه وضع تمرة على كسرة ، وقال : " هذا إدام هذه " . وفى هذا - من تدبير الغذاء - أن خبز الشعير بارد يابس ، والتمر حار رطب على أصح القولين ، فأدم خبز الشعير به من أحسن التدبير ، لا سيما لمن تلك عادتهم : كأهل المدينة . وتارة بالخل ، ويقول : " نعم الادام الخل " . وهذا ثناء عليه بحسب مقتضى الحال الحاضر ، لا تفضيل له على غيره : كما يظن الجهال . وسبب الحديث : " أنه دخل على أهله يوما ، فقدموا له خبزا ، فقال : هل عندكم من إدام ؟ قالوا : ما عندنا إلا خل . فقال : نعم الادام الخل " . والمقصود : أن أكل الخبز مأدوما من أسباب حفظ الصحة ، بخلاف الاقتصار على أحدهما وحده . وسمى الأدم أدما : لاصلاحه الخبز وجعله ملائما لحفظ الصحة . ومنه قوله في إباحته للخاطب النظر : " إنه أحرى أن يؤدم بينهما " ، أي : أقرب إلى الالتئام والموافقة ، فإن الزوج يدخل على بصيرة ، فلا يندم . وكان يأكل من فاكهة بلده عند مجيئها ، ولا يحتمى عنها . وهذا أيضا من أكبر أسباب حفظ الصحة : فإن الله سبحانه - بحكمته - جعل في كل بلد [2] من الفاكهة ، ما ينتفع به أهلها في وقته ، فيكون تناوله من أسباب صحتهم وعافيتهم ، ويغنى عن كثير من الأدوية . وقل من احتمى عن فاكهة بلده : خشية السقم ، إلا وهو من أسقم الناس جسما ، وأبعدهم من الصحة والقوة . وما في تلك الفاكهة - : من الرطوبات . - فحرارة الفصل والأرض . وحرارة المعدة