نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 16
وثبت في صحيح مسلم ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " خلقت الملائكة من نور ، وخلق إبليس من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " . وهذا صريح : في أنه خلق مما وصفه الله في كتابه فقط ، ولم يصف لنا سبحانه : أنه خلقه من نار ، ولا أن في مادته شيئا من النار . ( الوجه الخامس ) : أن غاية ما يستدلون به ، ما يشاهدون : من الحرارة في أبدان الحيوان . وهى دليل على الاجزاء النارية . وهذا لا يدل : فإن أسباب الحرارة أعم من النار ، فإنها تكون من النار تارة ، وعن الحركة أخرى ، وعن انعكاس الأشعة ، وعن سخونة الهواء ، وعن مجاورة النار . وذلك بواسطة سخونة الهواء أيضا . وتكون عن أسباب أخر . فلا يلزم من الحرارة النار . قال أصحاب النار [1] : من المعلوم أن التراب والماء : إذا اختلطا فلابد لهما من حرارة تقتضى طبخهما وامتزاجهما ، وإلا : كان كل منهما غير ممازج للآخر ولا متحدا به . وكذلك إذا ألقينا البذر في الطين - بحيث لا يصل إليه الهواء ولا الشمس - فسد . فلا يخلو إما أن يحصل في المركب جسم منضج طابخ بالطبع ، أولا . فإن حصل : فهو الجزء الناري ، وإن لم يحصل : لم يكن المركب مسخنا بطبعه ، بل إن سخن : كان التسخين عرضيا . فإذا زال التسخين العرضي : لم يكن الشئ حارا في طبعه ، ولا في كيفيته ، وكان باردا مطلقا . لكن : من الأغذية والأدوية ما يكون حارا بالطبع ، فعلمنا أن حرارتها إنما كانت : لان فيها جوهرا ناريا . وأيضا : فلو لم يكن في البدن جزء مسخن ، لوجب أن يكون في نهاية البرد . لان الطبيعة إذا كانت مقتضية للبرد ، وكانت خالية عن المعاون والمعارض - : وجب انتهاء البرد إلى أقصى الغاية . ولو كان كذلك : لما حصل [ لها ] [2] الاحساس بالبرد ، لان البرد الواصل إليه : إذا كان في الغاية كان مثله ، والشئ لا ينفعل عن مثله . وإذا لم ينفعل عنه :
[1] أي : القائلون بدخولها في العناصر التي خلق منها الانسان . وفيه تعريض بكفرهم : على سبيل التورية والايهام . اه ق . [2] زيادة جيدة : عن الزاد ( ص 70 ) .
16
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 16