نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 14
ونازعهم في ذلك آخرون من العقلاء - من الأطباء وغيرهم - وقالوا : ليس في البدن جزء ناري بالفعل . واستدلوا بوجوه : ( أحدها ) : أن ذلك الجزء الناري إما أن يدعى : أنه نزل عن الأثير واختلط بهذه الاجزاء المائية والأرضية ، أو يقال : إنه تولد فيها وتكون . والأول مستبعد لوجهين : أحدهما : أن النار بالطبع صاعدة ، فلو نزلت لكانت بقاسر من مركزها إلى هذا العالم . الثاني : أن تلك الأجزاء النارية لابد في نزولها أن تعبر على كرة الزمهرير التي هي في غاية البرد . ونحن نشاهد في هذا العالم : أن النار العظيمة تنطفئ بالماء القليل ، فتلك الأجزاء الصغيرة عند مرورها بكرة الزمهرير - التي هي في غاية البرد ، ونهاية العظم - أولى بالانطفاء . وأما الثاني - وهو أن يقال : إنها تكونت ههنا . - فهو أبعد وأبعد : لان الجسم الذي صار نارا ، بعد أن لم يكن كذلك ، قد كان قبل صيرورته : إما أرضا ، وإما ماء ، وإما هواء . لانحصار الأركان في هذه الأربعة . وهذا الذي قد صار نارا أولا ، كان مختلطا بأحد هذه الأجسام ومتصلا بها . والجسم الذي لا يكون نارا : إذا اختلط بأجسام عظيمة ليست بنار ولا واحد منها ، لا يكون مستعدا لان ينقلب نارا . لأنه في نفسه ليس بنار . والأجسام المختلطة به باردة . فكيف يكون مستعدا لانقلابه نارا ؟ ! . وإن قلتم : لم لا تكون هناك أجزاء نارية تقلب هذه الأجسام وتجعلها نارا ، بسبب مخالطتها إياها ؟ . قلنا : الكلام في حصول تلك الأجزاء النارية ، كالكلام في الأول . فإن قلتم : إنا نرى في رش الماء على النورة [1] المطفأة تنفصل منها نار ، وإذا وقع شعاع الشمس على البلورة ظهرت النار منها ، وإذا ضربنا الحجر على الحديد ظهرت
[1] النورة ( بزنة ثومة ) : حجر الكلس ، أي الجير . ثم غلب على أخلاط تضاف إلى الكلس : من زرنيخ وغيره . ا ه ق .
14
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 14