نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 179
وأما إذا فعله نادرا أو لحاجة : لم يضره . ولا يعترض بالعوائد على هذا : فإن العوائد طبائع ثوان ، ولها أحكام أخرى ، وهى بمنزلة الخارج عن القياس عند الفقهاء . ( فصل ) وفى صحيح مسلم - من حديث أنس بن مالك - قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثا ، ويقول : إنه أروى وأمرأ وأبرأ " . [1] ( الشراب ) في لسان الشارع وحملة الشرع - هو : الماء . ومعنى تنفسه في الشراب : إبانة القدح عن فيه وتنفسه خارجه ، ثم يعود إلى الشراب . كما جاء مصرحا به في الحديث الاخر : " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في القدح ، ولكن : ليبن الاناء عن فيه " . وفى هذا الشرب حكم جمة ، وفوائد مهمة ، وقد نبه صلى الله عليه وسلم على مجامعها ، بقوله : " إنه أروى وأمرأ وأبرأ " . فأروى : أشد ريا وأبلغه وأنفعه . وأبرأ : أفعل من البرء - وهو الشفاء - أي : يبرئ من شدة العطش ودائه ، لتردده على المعدة المتلهبة دفعات ، فتسكن الدفعة الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه ، والثالثة ما عجزت الثانية عنه . وأيضا : فإنه أسلم لحرارة المعدة ، وأبقى عليها من أن يهجم عليها البارد وهلة واحدة ، ونهلة واحدة . وأيضا : فإنه لا يروى لمصادفته لحرارة العطش لحظة ، ثم يقلع عنها ولما تكسر سورتها وحدتها . وإن انكسرت لم تبطل بالكلية ، بخلاف كسرها على التمهل والتدريج . وأيضا : فإنه أسلم عاقبة و آمن غائلة من تناول جميع ما يروى دفعة واحدة . فإنه يخاف منه أن يطفئ الحرارة الغريزية - بشدة برده ، وكثرة كميته - أو يضعفها : فيؤدى ذلك إلى فساد مزاج المعدة والكبد ، وإلى أمراض رديئة خصوصا في سكان البلاد الحارة : كالحجاز واليمن ونحوهما : أو في الأزمنة الحارة : كشدة الصيف . فإن الشرب وهلة واحدة مخوف عليهم جدا : فإن الحار الغريزي ضعيف في بواطن أهلها ، وفى تلك الأزمنة الحارة . وقوله : " وأمرأ " هو أفعل من " مرئ الطعام والشراب في بدنه " : إذا دخله وخالطه
[1] وأخرجه البخاري بدون زيادة : " ويقول " : إنه أروى " إلخ . وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد بها . اه ق .
179
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 179