نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 178
دليل على جواز الكرع ، وهو : الشرب بالفم من الحوض والمقراة ونحوها . وهذه - والله أعلم - واقعة عين دعت الحاجة فيها إلى الكرع بالفم ، أو قاله مبينا لجوازه . فإن من الناس من يكرهه ، والأطباء تكاد تحرمه ، ويقولون : إنه يضر بالمعدة . وقد روى في حديث - لا أدري ما حاله ؟ - عن ابن عمر رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن نشرب على بطوننا - وهو : الكرع . - ونهانا أن نعترف باليد الواحدة ، وقال : لا يلغ أحدكم كما يلغ الكلب ، ولا يشرب بالليل من إناء حتى يختبره ، إلا أن يكون مخمرا " . وحديث البخاري أصح من هذا . وإن صح فلا تعارض بينهما : إذ لعل الشرب باليد لم يكن يمكن حينئذ ، فقال : وإلا كرعنا . والشرب بالفم إنما يضر : إذا انكب الشارب على وجهه وبطنه ، كالذي يشرب من النهر والغدير . فأما إذا شرب منتصبا بفمه ، من حوض مرتفع ونحوه - : فلا فرق بين أن يشرب بيده أو بفمه . ( فصل ) وكان من هديه الشرب قاعدا ، هذا كان هديه المعتاد . وصح عنه : أنه نهى عن الشرب قائما . وصح عنه : أنه أمر الذي شرب قائما أن يستقئ . وصح عنه : أنه شرب قائما [1] . فقالت [2] طائفة : هذا ناسخ للنهي . وقالت طائفة : بل مبين أن النهى ليس التحريم ، بل للارشاد وترك الأولى . وقالت طائفة : لا تعارض بينهما أصلا ، فإنه إنما شرب قائما للحاجة : فإنه جاء إلى زمزم - وهم يستقون [3] منها - فاستقى ، فناولوه الدلو ، فشرب وهو قائم . وهذا كان موضع حاجة . وللشرب قائما آفات عديدة ، منها : أنه لا يحصل به الري التام ، ولا يستقر في المعدة حتى يقسمه الكبد على الأعضاء ، وينزل بسرعة وحدة إلى المعدة ، فيخشى منه أن يبرد حرارتها ويشوشها ، ويسرع النفوذ إلى أسافل البدن بغير تدريج . وكل هذا يضر بالشارب .
[1] انظر : آداب الشافعي وهامشه ( ص 79 و 330 ) . [2] بالزاد 139 : قالت . ولعله تحريف . [3] بالزاد : يسقون . وما في الأصل أحسن وأنسب .
178
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 178