نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 172
تنضجها ، وتدفع شرها : إذا لم يسرف في تناولها ، ولم يحمل منها الطبيعة فوق ما تحتمله ، ولم يفسد بها الغذاء قبل هضمه ، ولا أفسدها بشرب الماء عليها ، وتناول الغذاء بعد التحلي منها . فإن القولنج كثيرا ما يحدث عند ذلك . فمن أكل منها ما ينبغي ، في الوقت الذي ينبغي ، على الوجه الذي ينبغي - : كانت له دواء نافعا . فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في هيئة الجلوس للاكل صح عنه أن قال : " لا آكل متكئا " وقال : " إنما أجلس كما يجلس العبد ، وآكل كما يأكل العبد " . وروى ابن ماجة في سننه : " أنه نهى أن يأكل الرجل وهو منبطح على وجهه " . وقد فسر الاتكاء : بالتربع [1] . وفسر : بالاتكاء على الشئ ، وهو الاعتماد عليه . وفسر بالاتكاء على الجنب . والأنواع الثلاثة من الاتكاء ، فنوع منها يضر بالاكل ، وهو : الاتكاء على الجنب . فإنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ، ويعوقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة ، ويضغط المعدة : فلا يستحكم فتحها للغذاء . وأيضا : فإنها تميل ولا تبقى منتصبة ، فلا يصل الغذاء إليها بسهولة . وأما النوعان الآخران ، فمن جلوس الجبابرة المنافى للعبودية . ولهذا قال : " آكل كما يأكل العبد " ، وكان يأكل وهو مقع . ويذكر عنه : " أنه كان يجلس للاكل متوركا على ركبتيه ، ويضع بطن قدمه اليسرى ، على ظهر قدمه اليمنى " ، تواضعا لربه عز وجل ، وأدبا بين يديه ، واحتراما للطعام وللمؤاكل . فهذه الهيئة أنفع هيئات الاكل وأفضلها : لان الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي ، الذي خلقها الله سبحانه عليه ، مع ما فيها من الهيئة الأدبية . وأجود ما اغتذى الانسان : إذا كانت أعضاؤه على وضعها الطبيعي ، ولا يكون كذلك إلا إذا كان الانسان منتصبا الانتصاب الطبيعي . وأردأ [2] الجلسات للاكل الاتكاء على الجنب ، لما تقدم : من أن المرئ وأعضاء الازدراد تضيق عند هذه الهيئة ، والمعدة لا تبقى
[1] بالزاد : بالتربيع . [2] كذا بالزاد . وفى الأصل : أردى .
172
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 172