نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 80
وقد ينقسم البقل قسمة ثالثة [1] على قسمين : وذلك أن منه ما جل جوهره ومحمود غذائه في ما كان بارزا من الأرض ، أعني الورق والقضبان مثل الخس والهندباء والكرنب وما شاكل ذلك مما كان أصله الغائر في الأرض ليس بقوي . ومنه ما جل جوهره ومحمود غذائه في أصله الغائر في الأرض مثل الجزر والفجل والقلقاس والشلجم وما شاكل ذلك . والسبب في ذلك أن الطبيعة ربما كان أكثر قصدها في بعض النبات تغذية قضبانه وقلوبه ، فتصرف أكثر عنايتها إليها ويقوى فعلها فيها فتستلب القضبان والقلوب بطبعها جوهر الغذاء ومحموده ، ولا يبقى للأصل من الغذاء إلا أيسر ذلك مما كأنه عندها نفاية الغذاء مما لم يكمل نضجه وهضمه . وما كانت هذه حاله من النبات كان قضبانه أطول وقلوبه أعظم وثمرته أغزر . وربما كان قصد الطبيعة تغذية الأصل وتربيته ، فتصرف أكثر عنايتها إليه ويقوى فعلها فيه فيحتوي الأصل بطبعه على جوهر الغذاء ومحموده ، وتقذف بما فضل من غذائه مما كأنه عندها نفاية الغذاء إلى الورق والقلوب ، كالذي نشاهده من فعل الطبيعة في الحيوان لأنا نجدها دائما تقذف بفضل غذاء الأعضاء إلى ظاهر البدن وتولد منه أشياء ليست باضطرارية مثل العرق والصوف والشعر والريش وفلوس السمك [2] وغير ذلك . ولذلك ، صار غذاء ما كان من السمك له فلوس أفضل وأحمد مما كان لا فلوس له لان نفاية غذائه يتصرف إلى فلوسه ، ويبقى غذاؤه خالصا . ومن قبل ذلك صار أصل هذا النوع من النبات دائم العظم في كل زمان حتى في الشتاء فضلا على غيره من الأزمنة . وأما قضبانه وورقه فإنها لا تكاد أن تنبت ولا تنمو ، إلا في زمان الربيع في الوقت الذي تثور فيه جميع الأشجار . ولهذا ما صار كل نبات يكون في أصله غذاء للناس لا يكاد ان يكون في بزره غذاء . وكل نبات يكون في بزره غذاء لا يكاد أن يتغذى بأصله . ولذلك قال جالينوس أنه لا يؤكل أصل كل نبات كما لا يؤكل نبات كل أصل . ولرجل من الأوائل يقال له ميثنساوس من أهل أثينيا في هذا فصل قال فيه : إن كل نبات يؤكل منه أصله فبزره لا يكاد أن يؤكل ، وكل نبات يؤكل منه بزره فأصله لا يكاد أن يؤكل . ومن أجل ذلك وجب أن يمتحن كل واحد من أجزاء النبات على الانفراد بالذوق والشم ليقف على مزاجه ويعرف المحمود منه للاكل من غير المحمود مثال ذلك : أنا متى وجدنا شيئا حريفا علمنا ، لما بينا آنفا من فعل الحرارة حيث قلنا : أن من شأنها أن ترق دم من كان بلغمانيا وتصيره مائيا . وتحرق دم من كان صفراويا وتصيره سوداويا حريفا ، وتحجر فضول الكلى والمثانة وتولد منها حجارة وحصى . ومتى وجدنا شيئا تفها لا طعم له ، علمنا أيضا أنه مذموم من جهة أخرى لأنه يولد خلطا بلغمانيا ويرخي المعدة ويغثي . ومتى وجدنا شيئا لزجا ، وقفنا على غلظه وبعد انهضامه . فإذ ذلك كذلك ، فقد بان أن كل نبات حريف فمذموم الغذاء ردئ . وأردأ ما فيه أصله لان الأصل من كل نبات أحر وأيبس وأعسر