نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 542
وترخي الشحم وتفيده لذاذة وسرعة انهضام . ولذلك صار الكرش والأمعاء وما يليها أغلظ جسما وأردأ غذاء لاحتقان الفضول في باطنها بالطبع ، لأنها مغيض الأثفال ومستقرها . وما كان من الأعضاء متوسطا بين القلب والدماغ مجاورا لينبوع الحياة ومعدن الحرارة الغريزية ، كان ألذ طعما وأسرع انهضاما وأحمد غذاء ، وذلك لجهتين : إحداهما : أنها تغتذي بدم قد انهضم من الكبد بدءا وفى القلب ثانية على ما بينا وأوضحنا في المقالة الأولى من كتابنا هذا . والجهة الثانية : أن الحرارة الغريزية لمجاورتها لها تلطف فضولها دائما وتهضمها وتنقيها . وما كان من الأعضاء قريبا من العجز بعيدا من ينبوع الحرارة الغريزية ، كان أغلظ طبعا وأبعد انهضاما وأقل لذاذة وأذم غذاء ، وذلك لجهتين : إحداهما : بعده من معدن الحرارة الغريزية وينبوع الحياة . والثانية : أنها تغذى بدم لم يصل إلى القلب ولم ينهضم فيه ثانية . وما كان من الأعضاء متوسطا بين هاتين المرتبتين ، كان أجدى من كل واحدة من الحاشيتين بقسمة قياسية ، وصار بذلك ألطف مما قرب من عجز البدن وأسرع انهضاما وأحمد غذاء وأغلظ مما توسط بين القلب والرأس وأبعد انهضاما وأذم غذاء ، من قبل أنه وإن كان بالقرب من ينبوع الحرارة الغريزية ومعدنها ، فإن الدم الذي يغتذي به لم يصل إلى القلب ولم تهضمه الحرارة الغريزية ثانية . وما كان من الأعضاء في الجانب الأيمن ، كان أفضل مما كان في الجانب الأيسر ، من قبل أن ما كان في الجانب الأيمن فهو مجاور للكبد ، وما جاور الكبد كان أكثر اتساعا في الدم المحمود ، وذلك أن الكبد ينبوع القوى الطبيعية ومغيضها ومعدنها وفعل القوى فيما قرب من ينبوعها ومعدنها أقوى من فعلها فيما بعد من ذلك ونأى . وأما اختلاف غذاء [1] الحيوان من قبل حركتها وسكونها فيكون على ضروب : من قبل أن ما كان من الأعضاء أكثر حركة كانت رطوبته أقل وفضوله أيسر ولحمه أرخى وانهضامه أسرع ، لان الحركة ترض الأعضاء وتحميها وتلطف الفضول وتفني أكثرها ، وأكثر الأعضاء حركة العضل . ولذلك صارت أقل فضولا وأسرع انهضاما وألذ طعما وأحمد غذاء . وما كان من الأعضاء أقل حركة ، كان بعكس ذلك وضده ، لان السكون يحصر الرطوبات في باطن الأعضاء ويجمع الفضول فيها ويمنع من تحليلها . ويستدل على ذلك من الشاهد ، لأنا نجد الخيل وغيرها من الحيوان إذا تحركت وركضت ، حميت أبدانها وذابت فضولها ورطوبتها وتحللت وخرجت بالبخار والعرق . وإذا سكنت وامتنعت من الحركة ، انحصرت الرطوبات في باطنها ولم تظهر . وإذ أتينا على ما أردنا إيضاحه من اختلاف أعضاء الحيوان على الجملة بالقول المطلق ، فنحن أحفى بأن نجود الكلام في كل واحد منها على الانفراد ، ونأتي بخاصته التي هي له دون غيره لان ذلك أظهر للحس وأقرب من أذهان المتعلمين . ولا حول ولا قوة إلا بالله .