نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 54
بجوهره وطبيعته . ولذلك لم يمكن أن يتولد من العدس ولحم البقر غذاء مائي رقيق ولو تلقى من الانهضام نهاية الاحكام واستمرأها صاحبهما أيضا غاية الاستمراء . ولذلك يتهيأ أن يتولد من البطيخ والسمك غذاء أرضى غليظ . وهذه الخاصة هي ملاك الامر [1] في معرفة ما يتولد من الأغذية الغليظة منها واللطيفة . فإن اجتمع في الغذاء الغليظ أن يكون مع غلظه ، لزجا لازوقا [2] أو عذبا لذيذا كان مغذيا ، وكان في جميع ما وصفناه من كثرة الغذاء وبعد الانحلال من الأعضاء وتقويته لها أكثر ، من قبل أن جوهره قريب من جوهر الأعضاء ويختبر ذلك من لذاذته . ولذلك قال جالينوس : إن ما كان من الأغذية له جرم صلب ولم يكن فيه حرافة ولا قبض ولا طعم بين غير العذوبة ، ففيه قوة مغرية ملينة لخشونة الأعضاء لان جوهر العذوبة قريب من جنس جوهر الأعضاء ، فإن جمع الغذاء مع غلظه ، جفافا وقحلا كان مذموما وكان فيما وصفناه من كثرة الغذاء وغير ذلك أقل كثيرا . ولذلك قال جالينوس : ونذم من الغذاء ما كان قحلا جافا قد عدم اللزوجة والدسومة لان جوهره مخالف لجوهر الأعضاء . فأما ما كان من الأغذية متوسطا بين الصلابة والليانة فهو أحمد وأفضل لأنه في سرعة انهضامه وجودة استمرائه وقربه من القوة إلى التشبه بالأعضاء على حسب موضعه من التوسط والاعتدال . ولجالينوس في هذا فصل قال فيه : إن بين كل نوعين متضادين من الأغذية نوعا متوسطا ، وكلما توسط بين حاشيتين ما ، أي حاشيتين كانتا ، فهو أفضل وأعدل مما كان إلى إحدى الحاشيتين أميل . ولذلك صار الغذاء المتوسط بين الحرارة والبرودة ، والرطوبة واليبوسة ، واللطافة والغلظ ، والصلابة والليانة ، أعدل الأغذية وأفضلها غذاء وأقربها من الدم . فإن اتفق له مع ذلك ، أن يكون لذيذا ، كان أسرع لانهضامه ، وأفضل في حفظ الصحة على الأصحاء ، وردها إلى المرضى . وإن كان غير لذيذ عافته الطباع وصار أعسر انهضاما وأردأ للمعدة لأنها لا تحتوي عليه لكراهته ولا تجيد هضمه لبشاعته . فإن اتفق له مع عدم اللذاذة ، أن يكون خفيفا عواما ، طفا وعام وهيج الغثاء والقئ . وإن كان رزينا ثقيلا هبط بسرعة وانحدر وخرج قبل تمام نضجه ، وذلك أن المعدة تتشوق دائما إلى المبادرة لدفع ما يؤذيها من أي الموضعين أمكنها : إما من فوق بالقئ ، وإما من أسفل بالاسهال على حسب طبيعة المؤذى لها في خفته وثقله . ولجالينوس في هذا المعنى فصل قال فيه : إن كل طعامين متساويين في القوة والطبع وجميع حالاتهما خلا اللذاذة ، فألذهما أوفقهما للمعدة وأسرعهما انهضاما . وهذه الخاصة تعم سائر الأطعمة اللذيذة وغير اللذيذة ، لان ما كان بالإضافة إلى غيره أقل بشاعة وكراهة ، كان أوفق للمعدة وأسرع انهضاما ، وما كان بالإضافة إلى غيره أقل لذاذة ، كان أردأ للمعدة وأعسر انهضاما وأبعد من الاستمراء . وله فصل آخر قال فيه : إن كل طعامين متساويي القوة في حفظ الصحة على الأصحاء ، وردها
[1] ملاك الامر : قوامه الذي يملك به . [2] اللازوق : دواء للجرح يلزمه حتى يبرأ .
54
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 54