responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 51


والزنجبيل والعاقر قرحا وما شاكل ذلك مما هذا سبيله ، وإن كان في ذاته حائدا عن الاعتدال لافراط حره ويبسه ، فإنه معتدل محمود عند من كان مزاجه بلغمانيا لموافقته له وإصلاحه لشأنه . وكذلك حرارة ما كان منتنا ، لأنها وان كانت خارجة عن الطباع المعتدل ، فإنها فيما هي فيه إذ بها صلاحه وثبات ذاته ، لان بها ما كان كذلك . ففيما أتينا به من الدلائل كفاية على أن الروائح لا تدل على طبائع الأشياء إلا دلائل جنسية عامية تنبئ عن أطراف الأشياء وحواشيها فقط . ولذلك لم تتميز الوسائط التي بين الحواشي والأطراف ولم توصل حقيقتها إلى الفعل فتوقع عليها اسما .
فإن عارضنا معترض بالألوان وقال : ما بال الألوان لا تدل على طبائع الأشياء ، وحاسة البصر ألطف الحواس وأوصلها إلى محسوساتها على الحقيقة . والدليل على ذلك : أنا نجدها تميز حواشي الألوان وما بينها من الوسائط وتوصل حقيقتها إلى الفعل . ولذلك أوقع عليها الفعل اسما .
قلنا له : إن حاسة البصر ، وإن كانت ألطف الحواس وأكثرها إدراكا لمحسوساتها على الحقيقة ، فإن من خاصيتها ألا تدرك من الأشياء إلا ألوانها وأشكالها فقط ، والألوان والاشكال فأعراض غريبة في الأشياء تزول عن حواملها من غير فسادها لأنها غير جوهرية ولا طبيعية . وما كان كذلك فغير ممكن فيه الدلالة على طبيعة ما هو فيه . والدليل على ذلك أنا نجد الشئ الواحد بألوان مختلفة وأشكال متغيرة ، ولا يزيله اختلافه ذلك عن طبيعته وذاته مثل الورد فإنا نجده أبيض وأحمر وهو في طبيعته بارد يابس .
وكذلك الخيري نجده بألوان مختلفة لا تحصى ، وهو في طبيعته واحدي الطبع . وكذلك الحكم في الاشكال فإنا نجد الشئ الواحد يتشكل بأشكال كثيرة ، وهو واحدى الطبع مثل العنب ، فإنا نجده مدورا ومستطيلا وصنوبريا ، وهو في طبيعته حار رطب . فقد بان أن الألوان والاشكال أعراض غريبة فيما هي فيه . ولذلك ارتفع عنها الانباء عن طبيعة ما هي فيه .
وأما الطعوم فليست كذلك لأنها وإن كانت أعراضا ، فإن كل واحد منها حافظ لطبيعة ما هو فيه ، مقوم لنوعيته وذاته لحفظ الحرارة لطبيعة النار ، والبرودة لطبيعة الماء ، والرطوبة لطبيعة الهواء ، واليبوسة لطبيعة الأرض على ما بينا وأوضحنا في كتابنا في الأسطقسات [1] . ومما يدل على ذلك أنا لا نجد طعما واحدا لشيئين مختلفي [2] الطباع ، ولا طبيعة واحدة لطعمين مختلفين . مثال ذلك : أنا لا نجد الحلاوة موجودة في حار وبارد ، ولا برودة موجودة في عفص ومالح . وكذلك القياس جار في كل الطعوم على سبيل واحد . فإن قال قائل : فكيف أوجبت للطعوم الدلائل على طبائع ما هي فيه ، ونحن نجد الحلاوة في الرمان والعسل وهما مختلفي الطباع ، لان العسل في طبيعته حار يابس في الدرجة الثانية والرمان حار في الدرجة الأولى رطب في الثانية .
قلنا له : غاب عنك ما ذهبنا إليه لان في قوة كلامنا ما ظننت بنا أنا أوجبنا للطعوم تقويم ذات



[1] الأسطقس والإسطقس : العنصر ( يونانية ) . والأسطقسات عند الأقدمين أربعة : الماء والهواء والنار والتراب .
[2] في الأصل : مختلفين .

51

نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست