نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 45
وجواهرها ، وتحس غير محسوساتها مثل الحرارة والبرودة والتلذيع والتقطيع بما فيها من قوة اللمس وحس العصب . فقد بان أن الخياشيم ، وإن أحست بتلذيع الحرافة والحموضة ، فإنها لا تدرك ذلك بجوهرية الشم ، بل إنما تدركه بما فيها من حس اللمس . ففي هذا دليل على فساد ما أصلتموه وبطلان ما قدمتموه إذ طلبتم علة من غير أثرها وأجريتموها في غير معلولها . وأما الذين قالوا أن لها دلائل إلا أنها غير موثوق بها ، فإنهم قالوا إن الروائح ، وإن كانت تدل على شئ من طبائع الأغذية ، كانت [1] دلالتها ليست كدلالة الطعوم ، من قبل أن اللسان قد تأتيه من الدماغ ، من بين جميع الحواس ، ست عصبات يقوى بها على إدراك محسوساته على الحقيقة . ولذلك صار لحاسة الذوق مع تمييزها للطعوم ، أن تميز أيضا بين المشاكل والمخالف ، والموافق والمنافر . فأما حاسة الشم ، فليست كذلك من قبل أنه ليس يأتيها من الدماغ إلا عصبة واحدة ، والذي يأتيها من ذلك أيضا ليس بالكثير . ولذلك ، لم تصل إلى إدراك محسوساتها على الحقيقة ، بل إنما أدركت منها أجناسها فقط . أعني بأجناسها حواسها وأطرافها التي هي الطيب والمنتن . وأما ما بين ذلك من الوسائط والأنواع ، فإنها لم تفرق بينها ولا ميزتها على الحقيقة . ولذلك ، لم يوقع الفعل عليها اسما ، لان الحاسة ، لجفائها وغلظها ، لم تؤدى إلى الفعل حقيقة محسوساتها . ولذلك اضطر إلى أن يسمي أطراف الروائح وحواشيها التي أدركنا باسمها مشتقة من أسماء الطعوم فقال طيب وكريه . وأما الوسائط التي بينها ، فإنه لم يوقع عليها اسما لكنه نسبها إلى حواملها فقال رائحة المسك ورائحة العنبر وغير ذلك . ومن قبل ذلك أيضا لم تميز الحاسة الروائح المركبة من جواهر مختلفة كما ميزت حاسة البصر [2] الألوان المركبة من أصباغ مختلفة بل إنما أدركت ما كان جوهره بسيطا مفردا . والسبب في ذلك أن حاسة الشم في نفس بطون الدماغ بعيدة عن الخياشيم وموضع المشم ، والدليل على ذلك أن إنسانا لو أخذ شيئا له رائحة قوية ، ثم قربه من خياشيمه وألصقه بها ، لما اشتم له رائحة دون أن يتنفس الهواء ويستنشقه ويجذبه إليه حتى يصل بخاره إلى الدماغ . ولذلك لم يمكن أن يصل إلى حاسة الشم من الشئ المشموم إلا بخاره المتحلل منه في الهواء فقط ، لا الشئ في نفسه ، من قبل أن الهواء إذا أحاط بالبخار وقبله ( 1 ) إليه نقله إلى الدماغ بالاستنشاق وأوصل قوته إلى الروح النفساني الذي في الدماغ . فإن كان المشموم بسيطا من جوهر واحد وكان مع ذلك ذكيا قبله الروح النفساني بالموافقة والمشاكلة . وإن كان كريها قبله بالانفعال له على سبيل الغلبة والقهر له ، كانفعال الماء البارد للنار ، وذلك مقاس من الشاهد لان إنسانا لو أخذ فتيلتين مشتعلتين وأطفأ ( 2 ) إحداهما وترك حمرة النار
[1] في الأصل : كان . [2] ( البصر ) مكررة في الأصل . ( 3 ) قبل الشئ : أخذه . ( 4 ) في الأصل : وطفى .
45
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 45