responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 37


خفية ، فإن غذاءه على حسب ما فيه من يسير العذوبة لأنا قدمنا البراهين على فساد غذاء كل طعم ليس له عذوبة ، وأبعد الأشياء من الغذاء الأسطقسات لأنها بسائط كما بينا فيما سلف . فقد بان أن جميع الطعوم المخالفة للحلاوة لا تغذو إلا على قدر ما فيها من يسير الحلاوة .
فأما ما كان منها منافرا للحلاوة ، فإنه لا يغذو أصلا وذلك لبشاعته ومنافرته لمزاج بدن الانسان ، ولذلك احتالت الأوائل في [1] تركيب الطعوم بعضها ببعض وأدخلت على كل واحد منها ما يزيل عنه بشاعته ويكسبه طعما نستلذه . ولهذه الجهة قال جالينوس أنه ليس يعجب أن يكون طعامان كل واحد منهما في نفسه بشع غير لذيذ ولا مأكول ، فإذا امتزجا واختلطا بضرب من ضروب الاختلاط ، حدث بينهما طعم لذيذ . وقال أيضا : وليس بمنكر أن يكون طعام هو في نفسه غير لذيذ فإذا خالطه شئ آخر هو في نفسه غير طعام البتة ، اكتسب حالا يستلذ بها مثل القرع فإنه مغث [2] غير لذيذ فإذا خالطه المري والفلفل وما شاكل ذلك مما ليس بطعام أصلا ، استفاد حالا صار بها لذيذا . فقد يستدل على ذلك من الشاهد لأنا نجد الماء المحرق المفرط الحرارة والماء البارد المتناهي في البرودة كل واحد منهما منافرا للطبيعة مؤذ للحاسة ، فإذا امتزجا تولد عنهما حرارة لذيذة مشاكلة لطبيعة الحاسة . فإن عارضنا معارض وقال كيف قال جالينوس : أن كل طعام مخالف للحلاوة لا يغذو أصلا وهو يقول : أن القرع والسلق وسائر البقول المسلوقة المخالفة للحلاوة إذا خالطها المري والفلفل والخل وسائر ما شاكل ذلك ، صارت طعاما لذيذا ، قلنا له : إن جالينوس لما قال أن الطعوم المخالفة للحلاوة لا تغذو لم يمنع أن يتركب منها طعم لذيذ لأنه إنما قال لا تغذو وإن صارت إلى حال تستلذ ، لان الغذاء ليس هو ما كان لذيذا عند الحاسة فقط ، بل إنما هو ما قبلته الأعضاء وهضمته ونقلته إلى طبيعة المغتذي وشبهته به ، والطعم هو ما أثر في حاسة الذوق تأثيرا لذيذا ، كان ذلك التأثير ، لو بشعا ، لذيذا . والبقول المسلوقة فلم تكتسب من المري والفلفل غذاء بل إنما اكتسبت [3] حالا يستلذ بها .
فأما الغذاء فإنما هو لها بما فيها من يسير الحلاوة وإن لطفت تلك الحلاوة وخفيت عن الحس ، ففيما أتينا به وقدمنا ذكره أبنا عن الحلاوة أنها ألذ الطعوم وأقربها من مزاج المغتذى بها لمشاكلتها لمزاج بدن الانسان بالطبع لان الطعوم كما بينا على ضربين : إما مؤثرة في حاسة الذوق ، وإما غير غير مؤثرة . فغير المؤثرة [4] هي التفهة التي لا طعم لها ، والمؤثرة تنقسم ثلاثة أقسام : إما منافرة لحاسة الذوق بإفراط تفريقها المشاكلة في فعلها للماء المفرط الحرارة عند حاسة اللمس مثل الحرافة والمرارة والملوحة المفسدة للحاسة بإفراط تقطيعها وتفريقها . وإما مؤذية للحاسة بإفراط جمعها المشاكلة في فعلها للماء المفرط البرودة عند حاسة اللمس مثل العفوصة المؤلمة لحاسة الذوق بإفراط جمعها . وإما لذيذة عند الحاسة باعتدالها وتليينها ونفيها عن الحاسة الفضول المؤذية لها المشاكلة للماء الفاتر اللذيذ الفتورة عند



[1] في الأصل : وتركيب .
[2] غثيت غثيانا وتغثت النفس : اضطربت حتى كادت تتقيأ .
[3] في الأصل : اكتسب .
[4] في الأصل : فالغير مؤثرة .

37

نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست