responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 159


وقد يستدل على ذلك من الشاهد ، لان العامة دون الخاصة ، يعلمون أن النار حارة لظهور حرارتها للحس ، ولا يعلمون أنها يابسة لخفاء يبسها عنهم . فالحرارة فيها أقوى فعلا وأسبق تأثيرا ، لأنا نجدها إذا قابلت الأشياء ولاقتها ، أسخنتها بدءا وأحمتها وأذابت رطوباتها وحللتها ، ثم تفعل بعد ذلك فيها يبسها وتجففها . فالحرارة إذا في النار أسبق وأقوى فعلا من اليبوسة . وعلى هذا المثال ، نجد فعل الملح في الأشياء أيضا ، لأنا نجده يحلل ويذيب ما كان فيه من رطوبة سيالة ، ويكثف ويصلب ما كان قليل الرطوبة . فمن البين إذا ، أن الملح إذا وافى جرما رخوا ألفى فيه رطوبة غزيرة رقيقة سيالة ، حلل تلك الرطوبة وأذابها وزاد في رخاوة الجسم وليانته ، وكلما كانت الرطوبة أرق ، كان أكثر لرخاوة الجسم وليانته . وإذا وافى جرما قليل الفضول ليس فيه رطوبة غريزية فيفعل فيها ، احتوى على ما فيه من يسير الرطوبة ، وجففها بسرعة وزاد في صلابة الجسم وصيره قحلا شبيها بالجلود المدبوغة ، وأخرجه من حد ما يغتذي به . وإذا وافى جرما صلبا ، إلا أن فيه رطوبة غريزية ، أذاب تلك الرطوبة وحللها وسيلها وأكسب الجرم ليانة واعتدالا . وإذا وافى جرما رخوا قليل الرطوبة ، حلل ما فيه من الرطوبة اليسيرة وجففها وأكسب الجرم صلابة واعتدالا .
فقد بان واتضح أن كل حيوان تجتمع فيه الحاشيتان المتلاومتان [1] ، أعني بالحاشيتين المتلاومتين إما رخاوة الجسم وكثرة الرطوبة ، مثل الصغير من الضأن ، وإما صلابة الجسم وكثرة اليبوسة ، مثل الفتي من البقر ، فإنه مذموم للتمليح . وكل جسم تجتمع فيه الحاشيتان المتضادتان : إما رخاوة الجسم وقلة الرطوبة ، مثل الرضع من الماعز ، وإما صلابة الجسم وكثرة الرطوبة ، مثل الفتي من الضأن ، فإنه محمود للتمليح ، لان الجسم إذا كان لينا رخوا غزير الرطوبة وواقعه الملح ، حلل رطوبته وسيلها . وإذا تحللت الرطوبة وسالت وتهافتت ، ازداد الجسم رخاوة وليانة ، وصار مذموم الغذاء ، إلا أنه قد صار في طبيعة البلغم المالح المحرق لاكتسابه البورقية من الملح . ولذلك صار الغذاء المتولد عنه حارا محرقا للدم . ولهذه الجهة لحقه الدم من جهتين : إحداهما [2] : أنه بحدته وحرافته صار محرقا [3] للدم ومشيطا ( 3 ) له . والثانية : أنه لرخاوة جسمه وليانته ، صار عسير الانعقاد ، بعيد التشبه بالأعضاء وبخاصة متى كان ( 4 ) الغالب على رطوبته الرقة والسيلان .
وإذا اجتمع في الجسم الصلابة وقلة الرطوبة ، صار إذا واقعه الملح ، ولم يجد فيه رطوبة زائدة يفعل فيها ، رجع إلى رطوبته الجوهرية واحتوى عليها وأفناها ، وزاد جسمه صلابة وصيره قحلا جافا خارجا عن حد ما يغتذى به . وأما الجسم الذي قد اجتمع فيه مع الرخاوة ، قلة الرطوبة ، فإن الملح إذا واقعه ولم يجد فيه رطوبة غزيرة يفعل فيها ، رجع إلى ما فيه من يسير الرطوبة وجفف أكثرها ، وأكسب الجسم صلابة واعتدالا .
وكذلك الجسم الذي قد اجتمعت فيه صلابة الجسم وكثرة الرطوبة ، فإن الملح إذا واقعه ووافى رطوبته غزيرة ، حللها وأذابها وسيلها وجفف ما أمكنه منها . فإذا عجز عن تحفيف الكل لكثرته عليه ، بقيت منه بقية أعانت



[1] في الأصل : الحاشيتين المتلاومتين .
[2] في الأصل : أحدهما .
[3] في الأصل : بالرفع . ( 4 ) ( كان ) مستدركة في الهامش .

159

نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست