أن الحكم الأولي المشترك بين الرجل والمرأة ، والثابت بالآيات والروايات ، مطلق ، ولم يفرق بين تطبيب الرجل للمرأة وعكسه . . ويمكن أن يؤيد هذا الانصراف بأنه لو كان هناك طبيبان أحدهما امرأة وأمامهما رجل مريض ، فلو تولت المرأة معالجته فإن الناس ينتقدون ذلك ، ويستنكرونه ويستغربونه . ويمكن أن يؤيد ذلك أيضاً بالرواية الآية في النظر إلى الخنثى ، حيث وافق الإمام ( عليه السلام ) فيها على عدم جواز نظر المرأة للرجل وعكسه ، وحكم بلزوم النظر في المرآة . . إلا أن الانصراف المذكور غير سليم عن المناقشة ، فإن التمثيل بالطبيبين اللذين أحدهما امرأة لا يدل على ذلك ، إذ من القريب جداً : أن يكون ذلك قد انغرس في أذهان الناس بسبب فتاوى العلماء على مر العصور ، من دون أن يتصل بزمان المعصوم ، فلا يكون ذلك كاشفاً عن رأي الشارع . . وأما بالنسبة إلى الخنثى ، فإن الرواية المذكورة ناظرة إلى صورة النظر إلى العورة منها ، وكلامنا إنما هو في النظر إلى ما سوى العورة . . كما أن تلك الرواية لم ترد في بيان التكليف في مقام المعالجة أو التمريض ، وإنما في مقام بيان الطريقة التي يتم فيها التعرف على حقيقة الخنثى لأجل الإرث . . وعدا عن ذلك . . فإننا يمكن أن ندعي أن السيرة كانت قائمة في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبعده على تولي النساء معالجة وتمريض الرجال . . فقد كان لرفيدة خيمة في المسجد تعالج فيها المرضى ، وتداوي الجرحى ، ولما جرح سعد بن معاذ أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يجعل في خيمتها حتى