حاجات أبناء شعبهم ، أو حتى التفكير فيها . . هذا عدا عن أنهم شعوباً وحكاماً لم تستطع نفوسهم وعقلياتهم أن ترقى إلى مستوى الحدث الذي قد كان بمثابة القفزة الواسعة التي عرضت على مجمل حياتهم وواقعهم بظهور الإسلام فيهم . كل ذلك مع عدم توجههم لأهداف وتعاليم نبيهم ودينهم ، وعدم اهتمامهم بالعمل على تطبيقها وتحقيقها . نعم . . فبقيت علوم كثيرة ، ومنها علم الطب مهملة عندهم ، إن لم تكن معدومة إلى مطلع الدولة العباسية ، التي جاءت بعد انتهاء الحكم الأموي ، الذي ساهم في إشباع الرغبة في الحكم والتسلط ، وبدأ الاتجاه إلى حياة الاستقرار والرخاء ، ومواجهة متطلبات الحضارة ، الأمر الذي كان يفرض عليها الاستجابة لهذه المتطلبات والحاجات ، التي يصعب اهمالها أو تجاهلها . فكان عصر النهضة العلمية ، وبدأ العصر الذهبي . . واستطاع المسلمون في فترة وجيزة جداً أن يحققوا على صعيد العلم والمعرفة أعظم المنجزات التي يمكن أن تحققها أمة في فترة زمنية كهذه . دور غير المسلمين في النهضة العلمية : وكان طبيعياً أن يكون ظهور علم الطب بقوة عند المسلمين في أجواء كهذه في مطلع الدولة العباسية ، بمساعدة متخصصين من الأمم الأخرى ، ولا سيما أولئك الذين انتهت إليهم المعارف الطبية إلى تلك الفترة من الزمن ، وهم أهل جند يشابور . وترجم هؤلاء وغيرهم الكثير من الكتب الطبية ، ومارسوا الطب في بلاط الخلفاء وغيرهم من الأعيان ، وحصلوا على الأموال بأرقامها الخيالية .