في المدينة حدثا ، أو آوى محدثا ، فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ، إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد . لم يجز أن نعين شخصا ممن فعل بعض هذه الأفعال ، ونقول : هذا المعين قد أصابه هذا الوعيد ، لإمكان التوبة ، وغيرها من مسقطات العقوبة . إلى أن قال : ففعل هذه الأمور ممن يحسب أنها مباحة - باجتهاد أو تقليد ونحو ذلك - وغايته أنه معذور من لحوق الوعيد به لمانع . كما امتنع لحوق الوعيد بهم لتوبة ، أو حسنات ماحية ، أو مصائب مكفرة ، أو غير ذلك . وهذه السبيل هي التي يجب أتباعها ، فإن ما سواها طريقان خبيثان : أحدهما : القول بلحوق الوعيد بكل فرد من الأفراد بعينه ، ودعوى أنه عمل بموجب النصوص . وهذا أقبح من قول الخوارج المكفرين بالذنوب ، والمعتزلة وغيرهم ، وفساده معلوم بالاضطرار ، وأدلته في غير هذا الموضع ، فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق . لكن الشخص المعين الذي فعله لا يشهد عليه بلا وعيد ، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بالنار ، لفوات شرط ، أو لحصول مانع . وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها ، قد يكون القائل لها لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق ، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده ، أو لم يتمكن من معرفتها وفهمهما ، أو قد عرضت له شبهات يعذره الله بها . فمن كان مؤمنا بالله وبرسوله ، مظهرا للإسلام ، محبا لله ورسوله ، فإن الله يغفر له ، ولو قارف بعض الذنوب القولية ، أو العملية ، سواء أطلق عليه لفظ الشرك ، أو لفظ المعاصي .