وتوفّي عمّه أبو طالب بعد موت خديجة بسنة تامّة ( 1 ) . وقيل : بعد ثلاثة أيّام ( 2 ) . والأوّل يحكى به . وكان للنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) إذ ذاك ستّ وأربعون سنةً وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً . فلمّا فقدهما أشرف الكائنات - عليه وآله أفضل الصلوات - شنأ المقام بمكّة الشريفة ودخله حزن عظيم وملال جسيم حتّى أوحى الله تعالى إليه : " أن اخْرُج من القرية الظالم أهلها فليس لك ناصرٌ بعد أبي طالب " . ( 3 ) وأمره سبحانه وتعالى بالهجرة فهاجر . وولد الإمام أبو الحسنين عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين - عليه صلوات رب العالمين - بمكّة - زادها الله تعالى شرفاً - في البيت الحرام يوم الجمعة بعد عامِ الفيل ومولدِ الرسُول الجليل ( صلى الله عليه وآله ) بثلاثين سنةً ، ثلاث عشرة ليلةً خلت من رجب المرجّب . وقيل : شهر شعبان المعظّم . وقيل : الثالث والعشرين منه ( 4 ) . ثمّ إنّه لم يُولد قبله ( عليه السلام ) ولا بعده مولودٌ في بيت الله الحرام إكراماً له من الله عزّ وجلّ ، وكفاه بهذه شرفاً ، فيالها من فضيلة جزيلة ، ومزيّة جليلة ، ومنزلة جميلة . وأبو طالب بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ، فهو ووالد رسُول الله - عليه وآله صلواتُ الله - أخوان للأبوين . واُمُّه فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها . فهو - عليه السلام والتحيّة البالغة والإكرام - وإخوته أوّل هاشميّ وُلد بين هاشميّين . وقبض - عليه السلام من ربّ الأنام - بالكوفة قتيلاً ليلة الجمعة أو ليلة الأحد
1 . هذا موافق لما قاله الكليني في الكافي 1 : 440 ، وفي كثير من التواريخ : أنّ خديجة توفّيت بعد أبي طالب . راجع مرآة العقول 5 : 185 . 2 . لم أجد قائلاً بذلك ولكن في المناقب 1 : 174 نقلاً عن كتاب المعرفة : " إنّ وفاة خديجة بعد موت أبي طالب بثلاثة أيّام " . 3 . الكافي 1 : 440 و 8 : 341 ، تفسير العيّاشي 1 : 257 ، بحارالأنوار : 19 : 78 و 117 . 4 . حكاهما وغيرهما من الأقوال العلاّمة المجلسي في مرآة العقول 5 : 276 .