responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 314


فرفع الله سبحانه قدره أن يكون من جملة الفقراء الذين تحل لهم الصدقة كما نزهه أن يكون من جملة الأغنياء الذين أغناهم بالأموال الموروثة بل أغنى به سواه وأغنى قلبه كل الغنى ووسع عليه غاية السعة فأنفق غاية الانفاق وأعطى أجل العطايا ولا استأثر بالمال ولا اتخذ منه عقارا ولا أرضا ولا ترك شاة ولا بعيراً ولا عبداً ولا أمة ولا ديناراً ولا درهماً .
فإذا احتج الغنى الشاكر بحاله صلى الله عليه وسلم لم يمكنه ذلك إلا بعد أن يفعل فعله كما أن الفقير الصابر إذا احتج بحاله صلى الله عليه وسلم لم يمكنه ذلك إلا بعد أن يصبر صبره ويترك الدنيا اختياراً لا اضطراراً فرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كل مرتبة من مرتبتي الفقر والغنى حقها وعبوديتها وأيضاً فان الله سبحانه أغنى بهن الفقراء فما نالت أمته الغنى إلا به وأغنى الناس من صار غيره به غنياً .
قال علي بن أبي رباح اللخمي : كنت عند مسلمة بن مخلد الأنصاري وهو يؤمئذ على مصر وعبد الله بن عمرو ابن العاص جالس معه فتمثل مسلمة ببيت من شعر أبي طالب فقال : لو أن أبا طالب رأى ما نحن فيه اليوم من نعمة الله وكرامته لعلم أن ابن أخيه سيد قد جاء بخير فقال عبد الله بن عمرو : ويومئذ كان سيداً كريماً قد جاء بخير فقال مسلمة : ألم يقل الله تعالى : ( أَلَم يَجِدكَ يَتيماً فآوى وَوَجدكَ ضَالاً فَهَدى وَوَجدكَ عَائلاً فأغنى ) فقال عبد الله ابن عمرو : أما اليتيم فقد كان يتيماً من أبويه وأما العيلة فكل ما كان بأيدي العرب إلى القلة يقول ان العرب كانت كلها مقلة حتى فتح الله عليه وعلى العرب الذين أسلموا ودخلوا في دين الله أفواجاً ثم توفاه الله قبل أن يتلبس منها بشيء ومضى وتركها وحذر منها ومن فتنتها وأما قوله : ( ولَسوفَ يُعطيكَ رَبُكَ فَترضى ) فلم تكن الدنيا لترضيه وهو لا يرضاها كلها لأمته وهو يحذر منها وتعرض عليه فيأباها وانما هو ما يعطيه من الثواب وما يفتح عليه وعلى أمته من ملك كسرى وقيصر ودخول الناس في الاسلام وظهور الدين إذ كان ذلك محبته ورضاه صلوات الله وسلامه عليه .

314

نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية    جلد : 1  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست