انتسب إليه شخص في غيبته وتوسل بذلك يشفعه به وإن لم يكن حاضرا ولا شافعا ويكون ذلك المحبوب أو العظيم سببا للإجابة كما في الأدعية الصحيحة المأثورة " أسألك بكل اسم لك ، وأسألك بأسمائك الحسنى ، وأسألك بأنك أنت الله ، وأعوذ برضاك من سخطك ، ومعافاتك من عقوبتك ، وبك منك " . وحديث الغار الذي فيه الدعاء بالأعمال الصالحة ، وهو من الأحاديث الصحيحة المشهورة ، فالمسؤول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له ، والمسؤول به مختلف ، كذلك السؤال بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس سؤالا للنبي ، بل سؤال لله تعالى به صلى الله عليه وسلم ، وتارة يكون المسؤول به أعلى من المسؤول كما في قوله " من سألكم بالله فأعطوه " فالمسؤول به هنا هو الباري سبحانه وتعالى ، والمسؤول هو بعض البشر ، وتارة يكون المسؤول أعلى من المسؤول به كما في سؤال الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم " فإنه لا شك أن للنبي صلى الله عليه وسلم قدرا عنده تعالى ، فمن قال أسألك بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في جوازه وكذا إذا قال بحق محمد ، والمراد بالحق الرتبة والمنزلة ، والحق الذي جعله الله على الخلق ، أو الحق الذي جعله الله بفضله له عليه كما في الحديث الصحيح الذي قال فيه " فما حق العباد على الله " وليس المراد بالحق الواجب فإنه لا يجب على الله تعالى شئ ، ثم ذكر أحاديث الشفاعة والتجاء الناس إلى الأنبياء . قال : وفي التجاء الناس إلى الأنبياء في ذلك اليوم أدل دليل على التوسل بهم في الدنيا والآخرة ; وأن كل مذنب يتوسل إلى الله عز وجل بمن هو أقرب إليه منه وهذا لم ينكره أحد ولا فرق بين أن يسمى ذلك تشفعا أو توسلا أو استغاثة ; وليس ذلك من باب تقرب المشركين إلى الله تعالى بعبادة غيره فإن ذلك كفر ، والمسلمون إذا توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء والصالحين لم يعبدوهم ولا أخرجهم ذلك عن توحيدهم لله تعالى وأنه هو المنفرد بالنفع والضر ، وإذا جاز ذلك جاز قول القائل : أسأل الله تعالى برسوله لأنه سائل لله تعالى لا لغيره انتهت . وقد جمعت ذلك من أماكن متفرقة من كتاب الإمام السبكي [ شفاء السقام : في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام ] ، وهو مشهور مطبوع من أراده فليراجعه . وقال السيد السمهودي في خلاصة الوفا : ولا فرق في ذلك بين التعبير بالتوسل أو الاستغاثة أو التوجه به صلى الله عليه وسلم في الحاجة ، وقد يكون ذلك بمعنى طلب أن يدعو كما في حال الحياة ، إذ هو غير ممتنع مع علمه بسؤال من يسأله صلى الله عليه وسلم ا ه ، وتقدم مثله في كلام ابن حجر .