نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 330
وإما أن نقول : إن المنقطع في الآخرة إنما هو التكليف ، وقد تحصل الأعمال من غير تكليف ، على سبيل التلذذ بها والخضوع لله تعالى ، ولهذا إنهم يسبحون ، ويدعون ، ويقرأون القرآن . وانظر إلى سجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقت الشفاعة ، أليس ذلك عبادة وعملا ! ! وعلى كلا الجوابين ، لا يمتنع حصول هذه الأعمال في مدة البرزخ . وقد صح عن ثابت البناني التابعي أنه قال : اللهم إن كنت أعطيت أحدا أن يصلي في قبره فأعطني ذلك . فرئي بعد موته يصلي في قبره . وتكفي رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لموسى قائما يصلي في قبره . ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسائر الأنبياء ، لم يقبضوا حتى خيروا بين البقاء في الدنيا ، وبين الآخرة ، فاختاروا الآخرة ، ولا شك أنهم لو بقوا في الدنيا لازدادوا من الأعمال الصالحة ، ثم انتقلوا إلى الجنة ، فلو لم يعلموا أن انتقالهم إلى الله أكمل ما اختاروا ، ولو كان انتقالهم من هذه الدار يفوت عليهم زيادة فيما يقرب إلى الله ، لما اختاروه . فهذه نبذة من الأحاديث الصحيحة الدالة على حياة الأنبياء . والكتاب العزيز يدل على ذلك أيضا ، قال تعالى : * ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) * . وإذا ثبت ذلك في الشهيد ثبت في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوجوه : أحدها : أن هذه رتبة شريفة أعطيت للشهيد ، كرامة له ، ورتبة أعلى من رتبة الأنبياء ، ولا شك أن حال الأنبياء أعلى وأكمل من حال جميع الشهداء ، فيستحيل أن يحصل كمال للشهداء ، ولا يحصل للأنبياء ، لا سيما هذا الكمال الذي يوجب زيادة القرب والزلفى والنعيم والأنس بالعلي الأعلى .
330
نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 330