نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 204
وقد يقصد زيارة المكان في نفسه لشرفه ، وهذا لا نقول بأنه قربة إلا فيما شهد الشرع به ، فلعل مالكا رحمه الله أجاب على ذلك . ويدل على أن هذا مراده استدلاله بالحديث الذي جاء ( لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد ) . وسنبين بيانا واضحا : أن الحديث إنما هو في السفر للأمكنة ، لا للمقاصد التي فيها ، ومالك أجل وأعلم وأوسع باعا وأعلى كعبا من أن يخفى عليه ذلك ، فاستدلاله به يدل على أنه أراد المكان ، فيكون مراده أن زيارة القبر من حيث هو تلك البقعة ليس بقربة ، وهو يوافق ما حمل القاضي عياض عليه قوله : ( زرت قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) . وحينئذ فإما أن نوافق مالكا رحمه الله على ذلك ، عملا بقوله رحمه الله : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ) ويحمل قوله : ( من زار قبري ) على أن المراد من زارني في قبري ، كما هو الظاهر المتبادر إلى الفهم . وأما إن يقال : إن زيارة قبره أيضا قربة بقوله : ( من زار قبري ) وهذا أخص من قوله : ( لا تشد الرحال ) فيخصص به . إلا أن كلا منهما أعم وأخص من وجه ، فلا يقضى بتخصيص أحدهما للآخر . والأولى أن المراد بقوله : ( من زار قبري ) : من زارني في قبري ، ويكون قصد البقعة نفسها ليس بقربة ، كما اقتضاه كلام مالك رحمه الله . فقد بان بهذا معنى كلام مالك رحمه الله ، وأنه ليس فيه ما يقتضي أن الزيارة ليست بقربة ، ولا أن السفر إليها ليس بقربة ، بل هي قربة عند جميع العلماء ، ولهذا لو نذر الإتيان إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قلنا : بأنه يلزمه ، وأنه يشترط ضم قربة إلى الإتيان ، قال الشيخ أبو علي السنجي من أصحابنا : إنه يكتفى بالزيارة ، وقال الرافعي : إنه الظاهر ، وتوقف فيه الإمام ، من جهة أن الزيارة لا تتعلق بالمسجد
204
نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 204