طريقة الإسلام في حساب السَّنة والشَّهر والأسبوع واليوم أقْوَم طريقة ( . . . وأما الحول ؛ فلم يكن له حد ظاهر في السماء ، فكان لا بد فيه من الحساب والعدد ، فكان عدد الشهور الهلالية أظهر وأعم من أن يحسب بسير الشمس وتكون السنة مطابقة للشهور ؛ ولأن السنين إذا اجتمعت فلا بد من عددها في عادة جميع الأمم ؛ إذ ليس للسنين إذا تعددت حد سماوي يُعرف به عددها ، فكان عدد الشهور موافقاً لعدد البروج ، جُعلت السنة اثني عشر شهراً بعدد البروج التي تكمل بدور الشمس فيها سنة شمسية ، فإذا دار القمر فيها كمل دورته السنوية ، وبهذا كله يتبين معنى قوله : { وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَموا عَدَدَ السِّنينَ والحِسابِ } [1] ؛ فإن عدد شهور السنة وعدد السنة بعد السنة إنما أصله بتقدير القمر منازل ، وكذلك معرفة الحساب ؛ فإن حساب بعض الشهور لما يقع فيه من الآجال ونحوها إنما يكون بالهلال ، وكذلك قوله تعالى : { قُلْ هِيَ مَواقيتُ للنَّاسِ وَالحَجِّ } [2] . فظهر بما ذكرناه أنه بالهلال يكون توقيت الشهر والسنة ، وأنه ليس شيء يقوم مقام الهلال البتة لظهوره وظهور العدد المبني عليه وتيسر ذلك وعمومه ، وغير ذلك من المصالح الخالية عن المفاسد . ومن عرف ما دخل على أهل الكتابين والصابئين والمجوس وغيرهم في أعيادهم وعباداتهم وتواريخهم وغير ذلك من أمورهم من الاضطراب والحرج وغير ذلك من المفاسد ازداد شكره على نعمة الإسلام ، مع اتفاقهم أن الأنبياء لم يشرعوا شيئاً من ذلك ، وإنما دخل عليهم ذلك من جهة المتفلسفة الصابئة