نام کتاب : إتحاف أهل الزمان نویسنده : عمر غامسوري جلد : 1 صفحه : 9
غيره ، وما منهم إلا من أنهضته للدين القويم غيرة . كلا والله ، وأقسم بالله وتالله ، بل مكفزهم هو الكافر ، والحائد عن سبيلهم هو المنافق الفاجر ، وهم أهدى سبيلا ، وأقوم قيلا . وقد قال عليه الصلاة والسلام : " اقتدوا بمن بعدي ، أبي بكر وعمر " . وإذا قدحت في هذا الجمع من الصحابة الذين منهم عثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وغيرهما ، فمن أين وصل لك هذا الدين ، و [ من ] رواه لك مبلغا عن سيد المرسلين ؟ ثم ما تصنع يا هذا في الحديث الآخر الذي رواه مسلم في صحيحه مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم في أويس ، وأنه أخبر به عليه الصلاة والسلام وهو من أعلام النبوة ، وأمر عمر بطلب الاستغفار منه ، وأنه طلب منه ذلك واستغفر له . وقد قال الله تعالى عن إخوة يوسف عليه السلام : " يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين " [1] . فالزائر للأولياء والصالحين إما أن يدعو الله لحاجته ، ويتوسل بسر ذلك الولي في إنجاح بغيته ، كفعل عمر في الاستسقاء ، أو يستمد من المزور الشفاعة له وإمداده بالدعاء ، كما في حديث أويس القرني ، إذ الأولياء والعلماء كالشهداء أحياء في قبورهم ، إنما انتقلوا من دار الفناء إلى دار البقاء . فأي حرج بعد هذا يا أيها القائم للدين ، في زيارة الأولياء والصالحين ؟ وأي منكر تقوم بتغييره ، وتقتحم شق العصا وإضرام سعيره ؟ ولعلك من المبتدعة الذين ينكرون أنواعا كثيرة من الشفاعة ، ولا يثبتونها إلا لأهل الطاعة ، كما أنه يلوح من كتابك إنكار كرامات الأولياء ، وعدم نفع الدعاء ، وكلها عقائد عن السنة زائغة ، وعن الطريق المستقيم رائغة . وقولكم إن ما قلتموه لا يخالف فيه أحد من المسلمين ، افتراء ومين ، وإلحاد في الدين ، لأن أهل السنة والجماعة ، يثبتون لغير الأنبياء الشفاعة ، كالعلماء والصلحاء وآحاد المؤمنين ، فمنهم من يشفع للقبيلة ومنهم من يشفع للفئام من الناس ، كما ورد أيضا أن أويس القرني يشفع في مثل ربيعة ومضر . وأما المعتزلة فإنهم منعوا شفاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم ، وأثبتوا الشفاعة العظمى من هول الموقف ، والشفاعة للمؤمنين المطيعين أو التائبين في رفع الدرجات ، ولم يثبتوا الشفاعة لأهل الكبائر الذين لم يتوبوا ، في النجاة من النار ، بناء على مذهبهم الفاسد من التكفير بالذنوب ، وأنه يجب عليها التعذيب .