نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 79
الشريف الرضي أبشح الحقد ، فقد ألف ثلاثة كتب في شاعرية أبي تمام والبحتري والمتنبي ، وأراد أن يسجل أن دنيا الشعر وقف على هؤلاء الثلاثة فقال : البحتري هو الشاعر ، وأبو تمام والمتنبي حكيمان . وكان الغرض من هذا الحكم أن يكون هؤلاء الثلاثة محور الجدل والخلاف . ويضاف إلى هذا أن الشريف الرضي أعلن خصومته لشاعرية المتنبي وإعلان هذه الخصومة عاد على ذكرى المتنبي بأجزل النفع ، فقد كان للشريف كثير من الأعداء ، وأولئك الأعداء أصابوا فرصة لم تكن تخطر ببال ، فقد مضوا يبدئون ويعيدون في الكلام عن عبقرية المتنبي ، وأذاعوا في الناس أنه شاعر لن يجود بمثله الزمان ، وكانت هذه الاحكام ظاهرها حب الأدب وباطنها إغاظة الشريف . وقد أراد خصوم المتنبي أن يقوموا بحركة عكسية ، ولكنهم لم يفلحوا ، فقد أرسل الصاحب بن عباد يستنسخ ديوان الشريف ليفهم الناس أن الشريف هو شاعر الجيل ، وأن العصبية للمتنبي لا تمنع من التسليم بأن عالم الشعر لا يزال فيه مجال للاعلام والأقطاب [1] . قد تقولون : وكيف جاز للشريف أن يحقد على رجل مات قبل أن يجيء هو إلى الدنيا بأعوام وأجيب بأن موت المتنبي في القرن الرابع لم يكن مثل موت شوقي في القرن الرابع عشر : فقد سكت النقاد عن شوقي بعد إذ مات ، لان شوقي
[1] وهناك سبب سياسي لعطف الصاحب على شعر الشريف : فقد كان الشريف يكره عضد الدولة لأنه سجن أباه ، وكان الصاحب يكره عضد الدولة لأنه كان يسعى لقتله في الخفاء . فالاشتراك في بغض عضد الدولة كان من أهم أسباب المودة بين الشريف الرضي والصاحب بن عباد .
79
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 79