نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 62
وقد وصف البلاغة مرة ثانية وهو يرثي الصابي فقال : إن تمض فالمجد المرجّب خالد * أو تفن فالكلم العظام بواقي [1] مشحوذة تدمى بغير مضارب * كالسيف أطلق في طلى الأعناق [2] يقبلن كالجيش المغير يؤمّه * كمش الإزار مشمّر عن ساق [3] قرطات آذان الملوك خليقة * بمواضع التيجان والأطواق [4] عقدوا بها المجد الشرود وأثّلوا * درجا إلى شرف العلا ومراقي أوترتها أيام باعك صلَّب * وكددتها بالنزع والاغراق [5] حتى إذا مرحت قواك شددتها * باسم على عقب الليالي باقي [6] كنجائب قعدت بها أرماقها * محسورة فمشين بالأعراق [7] وهو في هذه الأبيات يضع أمام أعيننا صورة ثانية تغاير الصورة الأولى بعض المغايرة وتماثلها في المدلول ، ولكنه يأتي بمعنى جديد حين يصور ما كان عليه القلم في الحالين : حال الشباب وحال المشيب ، فهو في الحال الأول يشدّ كلامه بوثاق القوة ، وهو في الحال الثاني يسند كلامه بقوة الروح . وقد وصف بلاغة الصابي وهو يرثيه مرة ثالثة فقال :
[1] المرجب : المصون . على التشبيه بالنخلة المرجبة وهي التي يوضع حولها الشوك لئلا يصل إليها آكل . [2] الطلى : أصول الأعناق . والمفرد طلية بضم فسكون أو طلاة . [3] يؤمه : يقوده . وكمش وكميش : مشمر . [4] القرطات : جمع تصحيح للقرطة بكسر ففتح والقرطة جمع تكسير للقرط وهو الحلية تعلق في شحمة الأذن . [5] أوترها جعل لها وترا وهو شرعة القوس . والصلب : الشديد . والكد النزع بشدة ، والاغراق من قولهم إغراق النازع في القوس إذا استوفى مدها . [6] مرحت قواه : ضعفت . [7] الأرماق جمع رمق وهو بقية الحياة . والمحسورة التي نال منها الأعيان .
62
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 62