نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 221
المذهبية لا يبعد في حكمه عن الروح الذي كان سرى في الخصومات السياسية لتلك العهود . 6 - ولهذا الرأي شاهد من التاريخ : فقد أسرف الشيعة في تحقير يزيد حتى صار مثلا في الرقاعة والسّخف ، ومع ذلك رأينا من يرفع يزيد إلى صفوف العظماء ، كالذي صنع مؤلف « نجباء الأبناء » فهو يرد قالة بقالة ، ليرفع عن يزيد إصر الأراجيف . وعلى ذلك لا يستغرب في شرعة العقل أن تكون مناقب الأمويين والعلويين مدخولة في كثير من الشؤون وفقا لما اصطلح عليه العرف السياسي من تحقير الأعداء وتعظيم الأصدقاء . والعرف السياسي خلقه أسلافنا ، أو سلكوا فيه مسالك اليونان والرومان وهو عرف يقضي بأن لا ترى في صديقك غير الحسن ، ولا ترى في عدوّك غير القبيح . والأدب العربي مدين للإفك السياسي أكبر الدّين ، فبفضل ذلك الإفك خلقت محامد ومثالب هي صور روائع من الشمائل الإنسانية ، ولو خلا أدبنا من ذلك الافتعال الجميل أو البغيض لصار مثلا في العجف والهزال 6 - وأقول بصراحة إن التزيد على أمير المؤمنين أمر واقع ، وهذا التزيد يشرّف من اقترفوه ، لأنه يشهد بأنهم كانوا رجالا أقوياء يعرفون كيف يتسلحون للحرب السياسية ، وهي حرب لا ينهزم فيها غير من يتورعون عن الابتداع والافتعال . وسيأتي يوم نعرف فيه أقدار الكتاب البارعين الذين أمدّوا الحرب السياسية بوقود من سحر الفصاحة والبيان ، والذين أذاعوا في محصول الأدب العربي روح القوة والنضال .
221
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 221