نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 214
مثل الغزالي ، وكذلك تكون شمائل العلماء . ورأيت هناك باحثا يعطف عليّ لاهتمامي بدرس أشعار الشريف وهو الأستاذ عباس العزّاوي فقدّرت أنه شيعيّ ، ثم عرفت أخيرا أنه سنيّ ، وكذلك يكون الصدق في فهم المعاني . ورأيت الأستاذ طه الراوي يحفظ ديوان الشريف عن ظهر قلب فحسبت ذلك برّا بالعصبية المذهبية ، ثم عرفت أنه سنيّ لا شيعي ، وطه الراوي من أعيان الفضل والعلم والذوق في بغداد . صديقنا الشريف هو الذي سنّ شريعة التسامح بين المذاهب والآراء ، وفضله على الشيعة عظيم : لأنه خلق لهم صداقات في البيئات السنية وحفظ لهم مكانة عالية في العراق بفضل جهاده في الأدب والدين . ونحن في مصر لا نحس الخلافات المذهبية ، ويؤذينا أن نعرف أن إخواننا في الدين يثور بينهم الخلاف من حين إلى حين ، فهل أرجو التقرب إلى اللَّه بتهوين شأن تلك الخلافات وهل أستطيع الترحم على الشريف لأنه منحني الفرصة لهذه الكلمات التي أردت بها التقريب بين القلوب . اللَّه يشهد أني أكتب هذا وأنا متوجع ، فما يرضيني أن يقال إن في المسلمين أقواما يخاف بعضهم بأس بعض . الخلاف جميل على شرط أن لا يصل إلى القلوب . الخلاف نعمة ربانية إذا وقف عند اصطراع العقول ، فان جاوز ذلك فهو رجس من عمل الشيطان . الشقاقات المذهبية لم يعرفها الشرق والغرب إلا في عصور الظلمات ، ونحن في عصر النور ، فان لم يكن بد من الخلاف فلنختلف في أساليب الخلاص من أقفاص الظلم والاضطهاد ، والقراء يعرفون ما أعني ومن أعني . يرحم اللَّه الشريف فقد داس الشهوات المذهبية بقدميه فظفر بالإعزاز
214
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 214