نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 213
السائد يومئذ في العراق ، ولم يكن السنيون يرون ما يمنع من أن تكون إمارة الحج لرجل شيعيّ في مثل فضل الشريف . فما معنى ذلك معناه أن الغلوّ في التحاقد بين المذاهب الإسلامية لم يكن يقع إلا من أهل الغفلة والحمق ، أما أهل اليقظة والعقل فكانوا يعرفون أن الاختلاف في الفروع لا يضير مع الاتفاق في الأصول ، وكذلك اشترك عقلاء السنة في الالتفات حول راية القرآن والحديث ، ولن تمرّ أعوام طوال قبل أن تسود الألفة بين سائر المذاهب الإسلامية ، ويحلّ الوفاق مكان الشقاق . 14 - ومهما يكن من شيء فالخلاف بين السنة والشيعة هو جزء من ماضينا ، وهو خلاف كان له فضل عظيم في يقظة العقول والآراء ، فواجبنا اليوم هو الدعوة إلى التآخي الصحيح بحيث يمكن نسيان ما وقع في ماضينا من صراع ونضال . والعبرة من هذا الكلام : هي إبراز شهامة الشريف ، الشريف الشيعي الذي عاش في عصور لا تخلو من ظلمات ، واستطاع مع ذلك أن يكون مثلا في السماحة المذهبية ، وأن يظفر بعطف من ترجموا له من أهل السنة ، وأهل السّنّة رجال ينصبون والموازين لأقدار الرجال . 15 - وهنا ملاحظة تستحق التسجيل . لما دخلت العراق وجدت قوما من أهل العلم يحقدون عليّ أشفع الحقد بسبب كتاب « الأخلاق عند الغزالي » ثم هالني أن أعرف أن السيد هبة الدين الشهرستاني من أولئك الحاقدين وهو شيعيّ لا سنيّ ، فكيف يتعصب للغزالي وهو خصمه في المذهب تعصّب الشهرستاني للغزالي لمعنى نبيل هو الغضب للنيل من إمام جليل
213
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 213