نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 207
في ذلك الزمان . وتظهر هذه الخصيصة إذا وازنا بينه وبين أخيه ، وقد نشآ في بيت واحد وتلقّيا العلم في الحداثة على رجل واحد هو الشيخ المفيد ، فأخوه المرتضى يكتب كما يكتب العلماء ، ويشعر كما يشعر العلماء ، ونفسيته نفسية عالم لا نفسية أديب ، حتى قيل إن المرتضى كان يحرص على منافع دنياه حرص الفقهاء ، أما الرضي فكان رجلا سمحا يجود بما يملك ، ويرى الكرامة أثمن ما يحفظ الأحرار من ذخائر الوجود . 5 - شخصيّة الشريف شخصية معقّدة عند من يجهل ، ولكنها في غاية من البساطة والوضوح عند من يعرف ، هو رجل يحب التفرد بكرائم المعاني ، فهو يشتهي أن يكون شاعرا لا كالشعراء ، وأن يكون عالما لا كالعلماء وقد وصل إلى ما يريد . ولو اتسع المجال لدرس خصائص الشريف لوصلنا إلى طرائف : فأنا أعتقد أن لغة الشريف في شعره تجمع النوادر من الألفاظ البدوية ، وأن لغة الشريف في نثره تجمع الأطايب من المصطلحات العلمية . ومن المحتمل أن لا تكون حياة العلم عرفت باحثا أمضى قلما من الشريف قبل ذلك العهد ، وقد قوي عندي الظن بأنه مهّد السبيل لعبد القاهر الجرجاني ، فعبد القاهر عندي تلميذ الشريف في الميادين البيانية ، وليس كتاب « دلائل الإعجاز » إلا خطوة ثانية بعد كتاب « المجازات النبوية » وإن كان الجرجاني أقدر من الرضيّ على الإفاضة والاستقصاء . 6 - قد أقول : إن البويطي في « الأمّ » هو أول عالم شرح دقائق الفقه بأسلوب أدبيّ ، وإن سيبويه في « الكتاب » هو أول نحوي شرح تكوين الجمل بعبارة أدبية ، ولكني مع ذلك مقهور على الاعتراف بأن
207
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 207