نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 199
وعبق الفخار أشرف من عبق الطيب ، وإن غضب الشبان الظرفاء . والنص على الخشونة والتشعث في شجعان الفتيان قديم في الشعر العربي فما ابتكره الشريف ، ولكن إلحاحه في توكيد هذا المعنى له دلالة قوية عند من يعقلون ، وانظروا أيضا كيف يقول : وعدت يا دهر شيئا بتّ أرقبه * وما أرى منك إلا وعد عرقوب وحاجة أتقاضاها وتمطلني * كأنها حاجة في نفس يعقوب لأتعبن على البيداء زاحلة * والليل بالريح خفّاق الجلابيب في فتية هجروا الأوطان واصطنعوا * أيدي المطايا بإدلاج وتأويب [1] من كل أشعث ملتاث اللثام له * لحظ تكرّره أجفان مذؤب يوسّد الرحل خدا ما توسّده * قبل المطالب غير الحسن والطَّيب وهو في هذه المرة يجعل جنوده شبانا نشأوا في النعيم ، ثم قهرهم حب المعالي على فراق النعيم ، وهذا أبلغ في تصوير المجد . ويصور قلق الفتى الصوّال فيقول : سئمت زمانا تنتحيني صروفه * وثوب الأفاعي أو دبيب العقارب مقام الفتى عجز على ما يضيمه * وذلّ الجريء القلب إحدى العجائب سأركبها بزلاء إما لمادح * يعدّد أفعالي وإما لنادب [2] إذا قلّ عزم المرء قلّ انتصاره * وأقلع عنه الضيم دامي المخالب وما بلغ المرمى البعيد سوى امرئ * يروح ويغدو عرضة للجواذب وما جرّ ذلَّا مثل نفس جزوعة * ولا عاق عزما مثل خوف العواقب