نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 169
كانت سجلا لما يفهم الشعراء من مكارم الأخلاق ، وكان الشريف في جدود هذا الفرض يسره أن يتكلم عن الشمائل والخصال التي ترفع أقدار الرجال . فمدائح الشريف صور لما كان يؤمن به من الحقائق الأخلاقية ، وشاهد على أنه كان في أعماق قلبه يود التخلق بما اصطفاه لممدوحيه من أخلاق . وهذه القصيدة فيها إشارة إلى ماضي الفرس ، حتى النار ، وهي في شعره نار عتيقة أي كريمة ، والعتق هو الكرم في الخيل وفي الصهباء . وأريد أن أقول إن ثناء الشريف على ماضي الفرس كان شواهد تلطفه مع بهاء الدولة ، لأن الشريف له قصائد في تفضيل العرب على الفرس ، وبعبارة أدق تفضيل مجد الإسلام على مجد الفرس ، كالقصيدة التي قالها حين اجتاز بالمدائن وشهد إيوان كسرى سنة 397 . قربوهن ليبعدن المغارا * ويبدّلن بدار الهون دارا وكان يتفق له أن يتغنى بمجد العرب وما صنعوا في قهر الفرس وهو يمدح بهاء الدولة ، فما تعليل ذلك أغلب الظن أن الفرس لم يكن من همهم أن يقاوموا مجد العرب في الحدود التي رسمتها الشّعوبية ، لأن الفرس أسلموا وتعصبوا أشد التعصب للغة العربية ، وكان إسلامهم واستعرابهم من أهم الأمجاد في حياة العروبة والاسلام . وأغلب الظن أيضا أن الشعوبية لم تكن نزعة إجماعية في حياة الفرس وإنما هي مناوشات أدبية أثارها الأدباء ، وهم مصدر الشر في بعض الأحيان أقول هذا لأفهم وتفهموا كيف جاز للشريف أن يذكر انتصار العرب على الفرس في قصيدة يمدح بها بهاء الدولة فينص على أن عارض
169
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 169