نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 149
مودته للطائع ، وإنما كان يراه بقية من بقايا بني العباس الذين أذاعوا معاني العظمة في الأمم الاسلامية زمنا غير قليل ، وكان يتمنى لو يعتدل الميزان فتصبح الخلافة قوة فعلية ترتفع بها العروبة وتنهار أمامها الشعوبية . ولست بهذا القول أعطي الشريف ما لم يكن له أهل ، لا ، فليس من همي أن امنح الشريف ما لا يملك ، وإنما أقول هذا القول فرارا من ظلم الشريف فإن شعره يشهد بأنه توجع لنكبة الطائع ، ويشهد بأنه تألم لنكوله عن الدفاع عنه في ذلك اليوم المشئوم . وشاهد ذلك أيها السادة ان الشريف لم يكتف بالقصيدة التي صوّر بها ما وقع في ذلك اليوم ، وانما آذاه وارمضه ان يرى الطائع مخلوعا يعيش على هامش الحياة بعد أن كان بالأمس خليفة يبرم وينقض ، ويعطي ويمنع ، وكذلك رأيناه يقول : إن كان ذاك الطَّود خرّ * فبعد ما استعلى طويلا [1] موف على القلل الذواه * ب في العلا عرضا وطولا [2] قرم يسدّد لحظه * فترى القروم له مثولا [3] ويرى عزيزا حيث حلّ * ولا يرى إلا ذليلا [4] كالليث إلا أنه اتخ * ذ العلا والمجد غيلا وعلا على الأقران لا * مثلا يعدّ ولا عديلا [5]
[1] الطود : الجبل ، وخر سقط . [2] القلل جمع قلة وهي القمة . [3] القرم بالفتح الفحل . [4] يرى الأولى بالبناء للمفعول وكذلك الثانية ، والمعنى أنه على عظمته متواضع . [5] المعنى أنه علا على أمثاله فلا شبيه ولا مثيل .
149
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 149