responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك    جلد : 1  صفحه : 148


تقبيل يده فمدّها إليهما وهو متلطَّف مترفق فجذباه وطرحاه إلى الأرض ووضعا عمامته في عنقه ثم جرّاه مهينا ذيلا ليعتقل في دار عز الدولة .
ومن هذا التماثل التام بين ما وقع للمستكفي باللَّه وما وقع للطائع ترون أن الشريف الرضي كان يتوقع هذه الحوادث ، وترون أنه كان يعرف ما يصنع في مثل هذه المواقف ولست استبعد أن يكون الشريف وطَّن نفسه على إيثار السلامة إن وقع مثل هذا الحادث ، لأن الظروف لم تكن تسمح أبدا بتأليف جيش يحارب الديلم ويناصر بني العباس .
والقصيدة التي أشرنا إليها منذ لحظات تشهد بذلك ، فهي قصيدة رجل يكرثه التضجر والتألم ولا يهتاج للقتال ، لأنه كان يعرف أن القتال لا يطلب منه في مثل تلك الحال .
أضيفوا إلى ذلك أنه كان جرّب الحوادث وجربته الحوادث ، فكان يذكر بالتأكيدان عضد الدولة اعتقل أباه وصادر أملاكه ، ثم نفاه ، ومع ذلك لم تسقط السماء على الأرض ، ولم يمتشق في سبيله سيف ، ولم يبذل في الدفاع غير قطرات من الدمع . وما أضيع من لا يحامي عنه أنصاره بغير الدمع لست من القائلين بأن الشريف لم يكن يهمه أمر الطائع : فذهني لا يسبغ هذا النوع من الدفاع عن الشريف ، لأني اعتقد أن الشريف كان صادقا كل الصدق في مودة الطائع ، ولعله أصدق علوي مدح العباسيين وأطال عليهم الثناء .
ان الأستاذ عبد الحسين الحلي نظر إلى الشريف من وجهة مذهبية حين حكم بأنه كان يداري الطائع ، أما أنا فأنظر إلى الشريف ، من وجهة إنسانية ، واعتقد أن الشريف لم يكن مداجيا ولا مرائيا ولا وصوليا في

148

نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست