نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 134
للمطيع أو الطائع ، وإن كانت طعنة موجّهة إلى من يسيطرون على فارس والعراق ، ولهذا نرى لغة المشرق في ذلك العهد لا تسمي الخليفة الفاطمي « صاحب مصر » وإنما تسميه « صاحب المغرب » وهو تعبير كلَّه إيحاء ونعود فنقول : إن الشريف أنس كل الانس بالطائع ، فكان يمدحه بصدق وإخلاص ، ومع أن الطائع كان خليفة يستضعفه البويهيون أشد الاستضعاف ، فقد رأى فيه الشريف رجلا عربيا هو البقية من مجد بني العباس . وهنا أذكر أن الأستاذ عبد الحسين الحلي أراد أن يشكك في صدق عواطف الشريف وهو يمدح الطائع ، وأنا أرى غير ذلك ، أرى أن الشريف كان يفهم جيدا أنه يخاطب خليفة بالرغم من فساد الأحوال ، وأرى أن مطامع الشريف في ذلك العهد كانت تقف عند استرداد أملاك أبيه التي صادرها عضد الدولة منذ سنين ، فمن الإسراف في حسن الظن بعزيمة الشريف أن يقال إنه كان يطلب الخلافة في ذلك العهد . فإن لم يكن بدّ من تمجيد الشريف فيكفي النص على أن عواطفه نحو الطائع كانت خالصة من شوائب الرياء ، بخلاف ما أراد الأستاذ عبد الحسين . ومن الواجب أن ننص على أن مدائح الشريف للطائع لم تبدأ إلا بعد أن اطمأن على خلاص أبيه من الاعتقال ، وقرب رجوعه إلى بغداد ، أي بعد سنة 373 ، فأقدم قصيدة مدحه بها هي الحائية التي ذم فيها أعداءه ثم تلخص إلى المدح فقال : نعلَّل بالزّلال من الغوادي * ونتحف بالنسيم من الرياح وحاورنا الخليفة حيث تسمو * عرانين الرجال إلى الطَّماح نوجّه بالثناء له مصونا * ونرتع منه في مال مباح
134
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 134