نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 107
إن الشريف مدح أباه بأكثر من أربعين قصيدة . وأشعاره في مدح أبيه تنقسم إلى ثلاث طوائف : الطائفة الأولى في التوجع لأبيه وهو سجين ، والطائفة الثانية في تهنئة أبيه بالخلاص ورد أملاكه إليه ، والطائفة الثالثة في تهنئته بالأعياد بعد أن لان الزمان . ولكل طائفة من هذه الاشعار خصائص : فالطائفة الأولى تصور الحزن والجزع والتفجع ، والثانية يغلب عليها الابتسام ولكنها تفيض بالسمّ الزّعاف في الثورة على الناس ، والثالثة تخلع على أبيه رداء الملوك : فهو يدخل عليه في كل عيد بقصيدة كما يصنع الشعراء في تحية الخلفاء والملوك . وقبل أن ندخل في تحليل هذه القصائد نوجه أنظاركم إلى شرح الظاهرة الأدبية التي تجدونها في ديوان الشريف الرضي ، فأنتم تذكرون أن جامع الديوان يسمي قصائده القديمة « قواذف » ويذكر في أغلب الأحيان أن الشريف حذف من تلك « القواذف » أشياء . وتعليل هذه الظاهرة لا يصعب على من يتذكر الظروف السياسية التي فصلناها في صدر هذه المحاضرة ، فتلك « القواذف » كانت بالتأكيد تمسّ بني بويه ، ثم هذّبت طلبا للسلامة من شر أولئك الملوك . وينبغي أيضا أن ننص على خصائص الاشعار التي نظمها الشريف بين 369 و 376 فهذه القصائد كان يغلب عليها التبرم والضجر والاكتئاب ، وقد حوّلته الحوادث إلى رجل ودود يعطف على مصائب الناس ، لا سيما المنكوبين بقسوة الملوك . ومن شواهد ذلك قصيدته الهمزية إلى صديق حلَّت به نكبة ، ولم يذكر جامع الديوان ما هي تلك النكبة ، ولكننا نفهم أنها نكبة سياسية ، إذ نراه يقول :
107
نام کتاب : عبقرية الشريف الرضي نویسنده : زكي مبارك جلد : 1 صفحه : 107