نام کتاب : ديوان ابن فارض نویسنده : ابن فارض جلد : 1 صفحه : 14
والوزراء ، والقضاة ورؤساء الناس يحضرون مجلسه ، وهم في غاية ما يكون من الأدب معه ، والاتضاع [1] له ، وإذا خاطبوه فكأنما يخاطبون ملكا عظيما ، وكان ينفق على من يرد عليه نفقة متسعة ، ويعطي من يده عطاء جزيلا ، ولم يكن يتسبب في تحصيل شيء من الدنيا ، ولا يقبل من أحد شيئا . أما قصة وفاته ، فقد ذكرها سبطه الشيخ علي على النحو التالي قال : إن الشيخ كان يتردد إلى المسجد المعروف بالمشتهى في أيام النيل ، ويحب مشاهدة البحر وقال من الأبيات فيه : < شعر > وطني مصر وفيها وطري ولعييّ مشتهاها مشتهاها < / شعر > فتوجه إليه أي إلى المشتهى يوما فسمع قصارا [2] يقصر ويضرب مقطعا على حجر ويقول : قطع قلبي هذا المقطع ، ما قال أي ما كان يصفو أو يتقطع . فما زال الشيخ يصرخ ويكرر هذا السجع ، ساعة بعد ساعة ، ويضطرب اضطرابا شديدا ، وينقلب إلى الأرض ثم يسكن اضطرابه ، حتى يظهر أنه مات ، ثم يستفيق ويتكلم معنا بكلام صوفي ما سمعنا مثله قط ، ولا نحسن أن نعبر عنه ، ثم يضطرب على كلامه ويعود إلى حال وجده ، ودخل إلينا رجل من أصحابه فلما رآه وشاهد حاله قال : < شعر > أموت إذا ذكرتك ثم أحيا فكم أحيا عليك وكم أموت < / شعر > فوثب الشيخ قائما واعتنقه ، وقال له : أعد ما قلت ، فسكت الرجل شفقة منه عليه ، وسأله أن يرفق بنفسه ، وذكر له شيئا من حاله عند غلبة الوجد عليه فقال : < شعر > إن ختم الله بغفرانه فكل ما لاقيته سهل < / شعر >
[1] الاتضاع : التواضع . [2] القصار : الذي يصنع الحجارة للبيوت وغيرها .
14
نام کتاب : ديوان ابن فارض نویسنده : ابن فارض جلد : 1 صفحه : 14