نام کتاب : ديوان ابن فارض نویسنده : ابن فارض جلد : 1 صفحه : 13
هذه من نظم الشيخ شرف الدين عمر ابن الفارض قال : وفي أي مكان مقامه ؟ قال : كان مجاورا بالحجاز ، وفي هذا الزمان حضر إلى القاهرة ، وهو مقيم بقاعة الخطابة في الجامع الأزهر . فقال السلطان : يا شرف الدين خذ منا ألف دينار وتوجه بها إليه وقل له عنا ولدك محمد يسلم عليك ، ويسألك أن تقبل منه هذه برسم الفقراء الواردين عليك ، فإذا قبلها اسأله الحضور لدينا لنأخذ حظنا من بركته . فقال : مولانا السلطان يعفيني من ذلك فإنه لا يأخذ الذهب ولا يحضر ، ولا أقدر بعد ذلك أن أدخل عليه حياء منه ، فقال السلطان لا بدّ من ذلك . فأخذها القاضي شرف الدين وقصد مكان ابن الفارض ، فوجده واقفا على الباب ينتظره ، فابتدأه بالكلام ، وقال : يا شرف الدين ما لك ولذكري في مجلس السلطان ؟ ! . . رد الذهب إليه ولا ترجع تجيئني إلى سنة فرجع ، وقال للسلطان : وددت ان أفارق الدنيا ولا أفارق رؤية الشيخ سنة فقال السلطان : مثل هذا الشيخ يكون في زماني ولا أزوره ! لا بدّ لي من زيارته ورؤيته . فنزل السلطان في الليل إلى المدينة متخفيا مع عدد من كبار حاشيته ودخل الجامع بعد صلاة العشاء ، فلما أحس ابن الفارض بهم خرج من باب آخر بظاهر الجامع . وسافر إلى الإسكندرية ، وأقام فيها مدة . فغضب السلطان منه ورد طلبه بعد مدة ببناء ضريح عند قبر أمه بتربة الإمام الشافعي ثم استأذنه ان يبني مزارا لنفسه فلم يأذن له [1] . وكأني بالشيخ قد استلهم قول القائل : « إذا رأيت العلماء على باب الزعماء فبئس العلماء وبئس الزعماء وإذا رأيت الزعماء على باب العلماء فنعم العلماء ونعم الزعماء » . وعن منزلته في عصره يقول حفيده ابن بنته ، الشيخ علي رحمهما الله : كان إذا مشى في المدينة ، تزدحم الناس عليه يلتمسون منه البركة والدعاء ، ويقصدون تقبيل يده فلا يمكن أحدا من ذلك ، بل يصافحه . وكانت ثيابه حسنة ، ورائحته طيبة ، وكان إذا حضر في مجلس ، يظهر على ذلك المجلس سكون وهيبة . وسكينة ووقار . ورأيت جماعة من مشايخ الفقهاء والفقراء ، وأكابر الدولة من الأمراء