قال وقوله الحق ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) الآية [1] ، أمرهم بالكتابة حيث يكون الامر محتاجا إليها كثير المؤونة محتاجا إلى ضبط الدائن و المديون ، إلى غير ذلك ، ولم يكلفهم حيث لا يكون كذلك . هذا أمر من الأمور الدنيوية ، فكيف بأمر العلوم الدينية التي هي حياة النفوس وقوت الأرواح ، وبه يتم نظم المعاد . وقد أخذ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جمعا كتابا للوحي ، وأمرهم بكتابة القرآن مع سهولة حفظه وتوفر الرغبات إليه ، وأراد أيام وفاته كتابة كتاب لئلا تضل الأمة بعده . وهذا كله مما يدل على غاية الاهتمام بأمر الكتابة . واعتذار من منع ذلك ، كما ترى قوله " فيعرض للكتاب عارض فيفوتهم علمه " مقلوب عليه ، فإنه يعرض للعالم عارض فيموت علمه ويدفن معه ، وخطر ذلك أعظم ، ووقوعه مما لا ينكر ، ونحن في غنى من اتباع ابن عباس لو صح الحديث عنه . وقد أمرنا أئمتنا بالكتابة ، بل أمر النبي ( ص ) أمير المؤمنين ( ع ) بكتابة بعض الكتب كما سيجئ ، وما رووه عن أبي سعيد الخدري وعدم إذن النبي ( ص ) له لا يدل على المنع مطلقا ، فلعله إنما لم يأذن له بالخصوص . والاخبار الامامية في الامر بالكتابة وتدوين الكتب مستفيضة لا حاجة إلى ذكرها ، ومن أراد الاطلاع فليراجع المجلد الأول من البحار [2] .