وأقام المنجّمين والفلاسفة ، ووقف عليها الأوقاف ، فزها العلم في بلاد المغول على يدي هذا الفارسي كأنه قمر منير في ظلمة مدلهمة » [1] . ويقول مصطفى جواد : « باشر ابن الفوطي الخزانة بجزء من قصد الرصد بمراغة ، وطالع كثيرا من كتبها على اختلاف أنواعها وموضوعاتها ، واتصل بفئات من العلماء والأدباء وأرباب الفن وأهل السياسة على تباين أجيالهم واختلاف بلادهم ومللهم » [2] . وبحكم تشيّع الطوسي فمن الطبيعي أن تحتوي هذه الخزانة على تراث أهل البيت عليهم السّلام . 6 - المكتبة الحيدريّة : وهي ملحقة بمزار الإمام علي عليه السّلام في النجف الأشرف ، وهي الخزانة الوحيدة التي بقي لها بعض الآثار ، وتوالت العناية بها مدى العصور وكان عامرة في عهد عضد الدّولة البويهي ( ت / 372 ه ) ، وقد زار هذه الخزانة كلّ من زار مرقد الإمام عليه السّلام من الرؤساء والملوك والعلماء ، وأصبحت هذه الخزانة اليوم مغلقة لا تفتح للجمهور ، وقد تمكَّن شيخنا العلَّامة الرازي بسعيه الحثيث أن يزور هذه الخزانة زيارة خاطفة ويعد قائمة بأسماء ما رآه من الكتب ، ثم من بعده جرد فهرسا لها السيّد أحمد الحسيني بعنوان فهرست مخطوطات خزانة الروضة الحيدريّة في النجف الأشرف وطبع سنة 1391 ه . ولو قيس عدد الكتب فيها بما تضمّنته المكتبة الرضويّة في مشهد نجد ما للسياسات من أثر على التراث الإسلامي . هذا ، وبالإضافة إلى ما تقدّم ذكره من خزائن التراث ، فقد كانت هناك خزائن عامّة في المساجد ودور العلم التي قلّ أن تخلو منها المدن الإسلاميّة ، آل أمرها إلى الزوال والانقراض نتيجة عوامل سياسيّة حكمت المنطقة آنذاك .
[1] تاريخ آداب اللغة العربيّة 2 : 345 . [2] كتاب تلخيص معجم الألقاب لابن الفوطي .