المكتبات العامّة حديثا كثرت المكتبات العامّة في عصرنا هذا وخاصّة في المدن الكبرى ، حيث فرضت الحياة على أصحاب الكتب ضرورة صيانتها صيانة لائقة ، ولا يمكن ذلك إلَّا في المكتبات العامّة المعدّة لهذا الغرض دون الأهليّة منها لقلَّة مواردها الماديّة التي لا بدّ وأن تقضي عليها عاجلا أم آجلا . وقد انتفعت منها بما لا يمكن حصره . ورأيت القاسم المشترك الأعظم عند مالكي المخطوطات الشّح والبخل بالتراث المخطوط والانفراد بالانتفاع به . والمراوغة والريبة - قاتلها الله - صفة عامّة لهم ، إلا من عصمه الله وسهّل المخطوطات للمؤلَّفين ، ودعوت مالكيها للاهتمام بنشر ما تحويه من النوادر ليعم الانتفاع منها قبل أن تقصدها طوارق الدهر التي أفقدت ما كان قبلها . وما كانت هذه إلَّا دعوة للاصم ، وإسماعا لمن في القبور ، وصرخة في صحراء جرداء ، وكأنّ العيون عميت عمّا حلّ بخزائن الكتب قديما ، ولا حول ولا قوّة إلَّا باللَّه [1] .
وإنّي أرى أنّ أبرّ عمل يقوم به أصحاب المكتبات طباعة المخطوطات عن طريق تصويرها وجعلها في متناول الباحثين قبل أن تمتد إليها يد الخيانة والنهب والسرقة . وأمّا المكتبات العامّة التي تحتفظ بطائفة حسنة من تراث أهل البيت عليهم السّلام اليوم فهي كثيرة بحمد الله ، ومنذ هجرتي إلى النجف الأشرف سنة 1379 ه انتفعت من مكتباتها العامّة ، والمكتبة الخاصّة الوحيدة في النجف التي انتفعت منها كثيرا هي مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء نافلة الشيخ هادي آل الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء ، فإنّه لم يبخل عن الانتفاع من مخطوطات مكتبته التي توارثها الأحفاد عن الأجداد ، ومن عيونها نسخة « الإستبصار » للشيخ الطوسي المصحّحة على نسخة المؤلَّف .
وأمّا المكتبات العامّة التي انتفعت منها في النجف الأشرف فهي كثيرة اليوم وعيونها ثلاثة . وصفتها في « التحف من مخطوطات النجف » المطبوع في مجلَّة معهد المخطوطات بالقاهرة ، المجلَّد العشرون سنة 1394 ه الموافق 1974 م » .
وأمّا المكتبات العامّة التي قصدتها للتعرّف على تراث أهل البيت عليهم السّلام فهي :

[1] راجع مجلَّة معهد المخطوطات العربيّة ، المجلَّد العشرون ، صفحة 49 ، سنة 1394 ه .

41