خزائن الكتب قديما من الطبيعي أن يعتني الباحث الإسلامي بما يفتقر إليه من مصادر العلوم ليستعين بها على تأليفه ، والتاريخ يثبّت عناية المسلمين بخزانات الكتب التي أبادها الدهر ، ومنها ما تحدّث عنه محمد بن إسحاق بن النديم ( ت / 380 ه ) قال : « كان بمدينة الحديثة رجل يقال له : محمد بن أبي بعرة جمّاعة للكتب ، له خزانة لم أر لأحد مثلها كثرة - إلى أن قال : - ورأيت في جملتها مصحفا بخط خالد بن أبي الهيّاج صاحب علي عليه السّلام ، ثمّ وصل هذا المصحف إلى أبي عبد الله بن حاني رحمه الله ، ورأيت فيها بخطوط الإمامين الحسن والحسين عليهما السّلام ، ورأيت عدّة أمانات وعهود بخط أمير المؤمنين علي عليه السّلام ، وبخط غيره من كتاب النبي صلَّى الله عليه وآله ، ومن خطوط العلماء في النحو واللَّغة مثل أبي عمر بن التلال وأبي عمر الشيباني والأصمعي وابن الأعرابي وسيبويه والفرّاع والكفائي ، ومن خطوط أصحاب الحديث مثل سفيان بن عيينة وسفيان الثوري والأوزاعي وغيرهم ، ورأيت ما يدل على أن النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته ، وهي أربعة أوراق أحسبها من ورق الصين » [1] . والفتن الطائفية أبادت الكثير من خزانات الكتب الخاصّة ، منها : مكتبة الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه ) . قال ابن الجوزي في حوادث سنة 449 ه : « كبست دار أبي جعفر الطوسي متكلَّم الشيعة بالكرخ وأخذ ما وجد من دفاتره وكرسي كان يجلس عليه للكلام ، وأخرج إلى الكرخ فأحرق الجميع » [2] . أمّا المكتبات العامّة ، فمن المرجح أنها تكوّنت أول ما تكوّنت في المساجد ، حيث كانت المساجد منتدى العلم ومجتمع العلماء وكتّاب لأطفال المسلمين كالمسجد الحرام والمسجد النبوي الأطهر ومزارات الائمة الطاهرين عليهم السّلام ، حيث تعقد فيها اجتماعات عامّة في المناسبات الإسلاميّة المختلفة ، ومن الطبيعي أن يتسابق بعض المؤمنين إلى وقف ما يحبّون من التراث على هذه المراكز العامّة أو المدارس الدينيّة ، وينقل التاريخ أن بعض الخلفاء والأمراء قام بهذا الدور إمّا لمصلحته السياسيّة أو لرغبته الشخصيّة ، ومن الطبيعي