احتوائهم سياسا ، ففي سنة 239 ه أرسل المتوكل العباسي قائده بغا الشرابي للقضاء على إسحاق بن إسماعيل القرشي أمير تفليس وقتل ما يزيد على خمسين ألفا منهم ، وأسر الأمير القرشي وابنه وقطع رأسيهما ، وذلك بعد أن استخدم الشرابي قاذفات النفط فأحرق تفليس بمن فيها وبذلك أنهى الوجود الإسلامي فيها . وحاول المأمون القضاء على القيادات الشيعيّة بالتقرّب إليهم واحتوائهم في ظل الخلافة العباسية ، ولما انكشفت سياسته للمجتمع قضى عليها بطريقته السياسية الخاصة وهو دس السم إليهما . التأليف في القرن الثالث : الملاحظ أن أكثر المؤلفين في هذا القرن هم من الموالي ، والسبب في ذلك الحرية التي حصل عليها الموالي في ظل الخلافة العباسية حيث كانت تدار بهم ، والتي كانوا قد حرموا منها في العهد الأموي ، ولا بدّ أن لا يغيب عن البال تطوّر صناعة الورق الذي أدّى إلى كثرة الورّاقين كما يشهد بذلك التراجم الكثيرة . وفي عهد الإمام الرضا عليه السّلام ( ت / 203 ه ) بصفة خاصة وجد موالي أهل البيت عليهم السّلام فترة الحرية التي أعلنها المأمون بعد أن قتل هارون الرشيد الإمام الكاظم ( ت / 183 ه ) فكانت الفترة ( 201 - 203 ه ) نعمة في حركة التأليف للشيعة والرواية عن أهل البيت عليهم السّلام . وكان تعاطف الشعوب وخاصة الفرس مع العلويين والشيعة سائدا مما دعا كثيرا من السياسيين إلى ان يتقربوا إلى أئمة الشيعة ، وكان من هؤلاء : جعفر البرمكي الذي أفرج عن يحيى بن عبد الله العلوي بالرغم من ان الرشيد العباسي كان قد قبض عليه وأودعه عنده ، كما في وفيات الأعيان في ترجمة الفضل بن سهل . كما يلاحظ أنّ مواقف الخلفاء كانت تختلف بين ليلة وضحاها ، فإذا كان الخليفة ظالما للشيعة كان من استخلفه متوددا حتى إذا استتب له الأمر انقلب من يخلفه إلى ضدّه ، فالمتوكل العباسي - مثلا - لم يأل جهدا في القضاء على نشاط الشيعة ، وطاردهم ليلا ونهارا وسرا وجهارا وهدم قبر الحسين عليه السّلام ، فخلفه ابنه المنتصر متعاطفا مع الشيعة