من خصائص القرن الثالث الهجري أصبحت الخلافة العباسية القوة العظمى في الدولة الإسلامية ، ولم تقم في وجهها سوى الثورات المختلفة من الشيعة في مختلف الأقطار الإسلامية من خراسان والعراق ومصر والمغرب واليمن ، ولم تكن الحالة مقصورة على الثورات في الحدود . ولم يجد المأمون العباسي لها حلا سوى التقرب إلى القيادات الشيعية ومحاولة فصلهم عن القاعدة . ولذلك دعي الامام الرضا عليه السّلام إلى خراسان وعقد له ولاية العهد . وهذا وان نجح فيه نسبيا ولكن الجماهير الشيعية كانت واعية لتلك الخطط ، ولم يتمكن المأمون من استيعاب المتطرفين ، بل استمروا في المقاومة المسلحة ، بينما حاول الائمة عليهم السّلام توعية الجماهير في هديهم وسيرتهم ، وكانوا يقاطعون الأعراف العباسية ويسعون في احياء السنن النبوية مؤكَّدين على زيف الثقافة العباسية المبتنية على أسس فارسية ، وعلى سبيل المثال حينما أراد المأمون أن يؤم الإمام الرضا عليه السّلام صلاة العيد بأسلوب رسمي عسكري ، رفض الإمام إلَّا ان يصلَّيها بالبساطة التي أقامها النبي صلَّى الله عليه وآله ، ووجد المأمون انه لا يمكن صهر الإمام في حاشيته فقضى عليه بالسم وعلى المقاومة المسلحة العلوية بالسلاح ، ولم يكن ذلك خافيا على أحد من أهل البيت عليهم السّلام . ومن خصائص هذا القرن أيضا : خلق أديان ومذاهب في المجتمع الإسلامي لإلهائه عن المسئوليات الحقيقية والمشاكل السياسية التي تواجه الخلافة العباسية ، وأهمها مسألة خلق القرآن ، وفرق الاعتزال ، ومذاهب الغلاة ، وكذلك كسبت الخلافة العباسية الوقت في ضرب المسلمين بعضهم البعض وأشغالهم عن المطالبة بالحكم الذي استمر بهذا الاختلاف وبالقوة أحيانا ، ولكنها لم تتمكن من إشغال الحركات المقاومة المسلحة التي تبنّاها الشيعة العلويون وطرحوا الخلافات الجانبية وطالبوا الحكم بالقوة فواجهتهم قوات العباسيين بالمثل ، ومع هذا الكر والفر تمكن الشيعة والعلويون والموالون لهم من إقامة دول مستقلة لهم في فترات من هذا القرن . وكان اهتمام القيادة العباسية في القضاء على المعارضة بالقوة أكثر من محاولة