الروايات المستفيضة عن الصّادقين سلام اللَّه عليهم أجمعين ، ممّا لا تعدّ ولا تحصى ، تشيد بفضل العلم والعلماء وتحثّ على طلبه والتأكيد عليه ، حتّى جعل طلبه فريضة - كباقي الفرائض - كما في قول النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة » [1] . ثمّ إنّه ليس يخاف على أحد أنّ أشرف هذه العلوم وأفضلها علم الفقه ، إذ بواسطته تشخّص وتحفظ أوامر السماء ونواهيها ، وذلك بالرجوع إلى المصادر الأولى لهذه الأحكام ، وهي الأدلَّة الأربعة التي منها السنّة المطهّرة ، والتي تعدّ المصدر الثاني في التشريع بعد كتاب اللَّه تبارك وتعالى . ولما كانت السنّة بما فيها قول المعصوم أو فعله أو تقريره على هذه الأهمية العظيمة والخطيرة ، فكان لا بدّ من إحراز صدورها عنهم عليهم السلام - بطريق علمي أو وجداني - من خلال الاطمئنان الكامل بصحّة سند الروايات التي بطبعها تكون حاكية عنها . وهذا بالطبع لا يتيسّر لكلّ مستنبط إلَّا إذا كانت له إحاطة تامّة برجال السند ، وهل أنّهم أهل للاعتماد على نقلهم والاطمئنان بصحة منقولاتهم أم لا . إنّ الاستقراء العلمي في المدونات الرجالية التي تزدان بها المكتبة الإسلامية يظهر بوضوح أنّ هناك في طرق الأخبار المدوّنة في المجاميع الحديثيّة رجالا موثوقا بهم ، يعتمد عليهم في مقام النقل . وهناك من طعن فيهم ، بحيث لا يعتمد على نقلهم . وآخرين لم يعلم حالهم من حيث الاعتماد وعدمه ، وهم المشار إليهم بالمجاهيل الذين ينظر في أمرهم ، وأنّهم هل يدخلون في الطائفة الأولى أو