الفن بالعرف العامّي - أعني المسكوت عن ذكره رأسا ، أو عن عدم مدحه وذمّه - فعلى المجتهد أن يتتبع مظان استعلام حاله ، من الطبقات والأسانيد والمشيخات والإجازات والأحاديث والسير والتواريخ وكتب الأنساب وما يجري مجراها ، فإن وقع إليه ما يصحّ للتعويل عليه فذاك . وإلَّا وجب تسريح الأمر إلى بقعة التوقّف ، وتسريح القول فيه إلى موقف السكوت عنه . إلى آخر كلامه أعلى اللَّه مقامه [1] . كما أنّ المصنّف رحمه اللَّه تعالى قد أهمل أيضا ذكر مؤلَّفات الرواة من الأصول والكتب والنوادر وغيرها ، ولكن هذا لم يكن وحيدا فيه ، إذ إنّ معظم الكتب الرجالية المختصرة قد سلكوا هذا المسلك . ويبدو من تصفّح كتاب المنتهى أنّ المصنّف ألَّف قسما منه في حياة أستاذه الأستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، والقسم الآخر بعد وفاته ، لأنّه في كثير من المواضع قال عند ذكر اسم أستاذه : « سلَّمه اللَّه » أو « دام علاه » ، بينما نجد في البعض الآخر يقول عند ذكر اسمه : « قدّس سرّه » ونحو ذلك . وعلى أية حال فقد نال هذا الكتاب استحسانا وقبولا من قبل العلماء والباحثين ، في عصره وما بعده ، رغم ما أشاروا إليه من نواقص سبق أن أشرنا إليها سابقا تختص بإسقاطه للمجاهيل وعدم ذكره لمؤلفات الرواة من الأصول وغير ذلك ، والتي أشار إليها النوري في خاتمة مستدركة ، وحيث عزا شهرة الكتاب لاشتماله على تمام تعليقة أستاذ المصنّف الوحيد البهبهاني [2] ،
[1] الرواشح السماويّة : 60 . [2] لقد تبيّن لنا أثناء عملنا في تحقيق هذا الكتاب أن هذا القول لا يخلو من جانب كبير من الصحة والصواب ، حيث إننا فوجئنا بأنّ الكثير من العبارات المنقولة عن التعليقة لا وجود لها في جملة النسخ المخطوطة الموجودة لدينا ومن ضمنها النسخة المطبوعة ، ولعلّ مرجع ذلك أنّ هذه العبارات والموارد قد استفادها المصنّف عن أستاذه مباشرة وشفاها فأثبتها ، واللَّه تعالى هو العالم .